السلب لشائع، مما لا يرجع إلى محصل، وقد مر تفصيله في مبحثه (1)، فليراجع.
إن قلت: ظاهر الأخصي هو الاعتقاد في العبادات، بأنها المخترعات الشرعية، وأنها الموضوعات لتلك الألفاظ بالوضع التعيني، فعليه يصح له الاستدلال بجميع الدلائل، لأن مقصوده من " التبادر " هو تبادر المعنى الصحيح عند أذهان المتشرعة، لا العرف، وهكذا صحة الحمل والسلب.
قلت أولا: هذا لا يتم إثباتا كما هو الواضح، لشهادة كل مراجع للمآثير والأخبار: بأن استعمال هذه الكلمات في الفاسد، لا يقصر عن عكسه، فكيف يمكن حصول العلقة الوضعية بكثرة الاستعمال؟!
وثانيا: إن الظاهر منهم ظنهم أن الوضع يكون تعيينيا، ولذلك يصح لهم التمسك بالقياس المشار إليه، وإلا فهو مما لا معنى له، لأن تقريب القياس - على ما في كتبهم (2) - هو أن ديدن العقلاء على الوضع للأخص، وذلك لعدم الحاجة إلى الاستعمال في الفاسد والأعم، فإذن يتعين أن تكون طريقة الشرع مثلهم في ذلك، وهذا شاهد قطعي على إرادتهم الوضع التعييني. وأنت خبير بما فيه من الإشكالات والموهنات، فلا تغفل.
وإذا فرغنا من ذلك، فلا حاجة إلى ذكر الأدلة للأعمي، والذي هو الدليل الوحيد الذي بمراجته والتدبر فيه، يسقط بحث الصحيح والأعم من رأس، ولا ينبغي إطالة الكلام حوله إلا لتشحيذ أذهان المتعلمين، حتى ترقى أفكارهم إلى أوكار الحقائق، وتطير أرواحهم على سطوح الدقائق:
هو أن الألفاظ برمتها - قضها وقضيضها، من غير اختصاص طائفة منها