وربما يخطر بالبال أن يقال: بأن مفهوم " الصحيح " ليس إلا ما هو المستجمع المؤثر، وما لا يكون مستجمعا لشرائط التأثير والسببية أو الموضوعية، يكون فاسدا، فإذا كانت معاملة عند الشرع باطلة، فليس يعقل ذلك إلا باعتبار قيد أو شرط في التأثير والموضوعية، فيلزم التصرف القهري - بنحو القانون الكلي - في ماهية البيع ونحوها، باعتبار الجزء أو الشرط فيها، فعندئذ لا بد من الالتزام بالأخص في تلك الألفاظ، أو يلزم صحة الاحتمال المذكور، فيجري النزاع المشهور (1).
وأما نظر العرف، فإن كان من الملة الإسلامية مثلا التابعة للقوانين الإلهية، فبعد مضي المدة الطويلة، تصير تلك الألفاظ حقيقة عرفية ثانوية عندهم فيما هو المؤثر في القانون الإسلامي، ضرورة انقلاب العنايات العرفية حسب إعمال القوانين الشرعية، أو القوانين العرفية المخلوقة لمجاميع البشر، فافهم وتدبر.
وبالجملة: الاعتبارات المخلوقة للبشر الأسبق، لا تكون دائمة الوجود، بل هي دائما تابعة للمعتبرين، فإذا تبدل في محيط وافق بناء المعتبرين إلى تغيير القانون الموجود عندهم، أو تصرفوا في قيوده نفيا أو إثباتا، تتبدل المعتبرات الموجودة، وتضمحل إلى ما اعتبر بعد ذلك، فلا يكون ما هو السبب للملكية في الأسبق، سببا في تلك الحيطة، لا أنه سبب عند الآخرين، فيتصف بالفساد عند اللاحقين، بل هو بماهيته ينعدم.
نعم، الاعتبار الانفرادي، أو من القانون غير النافذ في ملته، لا يورث تغيير المعتبرات قهرا، فيبقى ما كان نافذا بينهم على حاله، فيلاحظ حينئذ أن الشرائط على قسمين: شرائط نافذة في الملة وما ليس نافذا، ولكنه دخيل عند القانون، فافهم وتدبر فيما أسمعناك، وسنزيدك توضيحا من ذي قبل إن شاء الله تعالى (2).