لتلك الطبيعة في الشرع الأنور قطعا، ومقتضى ما مر منا: أن هذه الطبيعة كانت قبل الاسلام متداولة، وكان يطلق عليها تلك اللفظة (1).
فهذه اللفظة وسائر الألفاظ الموضوعة لسائر الطبائع، على نهج واحد، ونسق فارد، فكما أن لفظة " البقرة والحمار " ولفظة " الشجرة والجدار " ولفظة " المأذنة والمنارة " تطلق على جميع المصاديق المختلفة، من غير تكلف الادعاء والتنزيل، وتجشم المجاز والتأويل، ولا يخطر ببال أحد كون هذه الألفاظ موضوعة للمرتبة العليا، والطبيعة الواجدة لجميع الشرائط والأجزاء، كذلك الأمر هنا.
فما أفاده يمكن توهمه لو كان الوضع تعيينيا، ولا أظن التزامه والتزام أحد به.
هذا، ونفي جواز التمسك بالإطلاق على المعنى المزبور محل منع إطلاقه، ضرورة أنه لو كانت " الصلاة " في محيط الشرع تطلق كثيرا على ما يشابه الصلاة الأولية، حتى صح إرادة المرتبة المشابهة للمرتبة العليا من المراتب المتوسطة من تلك اللفظة، فإنه عند ذلك يصح التمسك بالإطلاق.
بل بناء عليه يلزم الحاجة إلى الجامع، إذ هو ضروري في الوضع التعييني والتعيني. وإنكار الوضع التعيني والحقيقة المتشرعية والشرعية الحاصلة لكثرة الاستعمال في بعض الألفاظ، مكابرة جدا.
والمقصود بالبحث ليس محصورا بلفظ " الصلاة " فقط، حتى تكون هي بخصوصها مورد النزاع والبحث، كما هو الواضح. هذا غاية ما يمكن أن يقال في هذا المقام، وقد عرفت ما فيه (2).
بقي الكلام فيما هو المهم في البحث، وهو تصوير الجامع للصحيحي والأعمي، فالبحث يقع في موقفين: