والبيع هو مبادلة مال بمال، وتلك المبادلة تكوينية إذا كانت في المكان، واعتبارية إذا كانت في الملكية، والإجارة مثله، وهكذا النكاح والطلاق والعتق، فإن لكل واحد منها معنى تكوينيا، ثم بعد ذلك اعتبر في المجتمع البشري، لإدارة السياسة المدنية والحكومية، ولحفظ نظام العالم من الوقوع في المفاسد والمهالك المترتبة على الهرج والمرج.
ومن هذا القبيل ما مر منا في الوضع، فإنه اعتبار من الوضع التكويني (1)، وهكذا الانشاء، فإنه اعتبار الإيجاد، لأن معناه التكويني إيجاد الشئ، كما في قوله (عليه السلام): " أنشأ الخلق إنشاءا " (2).
ثم إن المعتبرات العقلائية أبدية، إلا إذا اضمحلت الأقوام والأمم، أو زالت الجهات المورثة لحدوثها، وليست باختيار الآحاد بما هم آحاد، فهي الأمور الموجودة في وعاء الاعتبار، إلا أن نحو الاعتبار قضية تعليقية على نعت الكلي، كما عرفت منا أيضا تفصيله (3).
فلا معنى لتوهم اعتبار الملكية من قبل المالكين، أو اعتبار الطلاق والزواج من قبل الأفراد وهكذا (4)، بل هذه الأمور - بمعناها الواقعي - ليست اختيارية بيد الأفراد والآحاد، والذي هو باختيارهم أمر اعتبر - بنحو الكلي - سببا لها، وهذا بيد الأفراد والآحاد، وهو عناوين العقود والإيقاعات، كالبيع والإجارة والصلح وهكذا.
وهذه العناوين لها لغات موضوعة لها، فيكون جميع هذه اللغات أسبابا لفظية لتحصل المعتبر العقلائي الذي هو مفاد تلك اللغات، وهي في الحقيقة موضوعات