نفس الأمر (1)، والمراد من " نفس الأمر " أعم من الخارج، والذهن، ودرك العقل صحة الحمل، كما في قولنا: " الانسان انسان " فلا محكي في مجموع القضايا حتى تكون الهيئة موضوعة للحكاية، أو لإبراز قصد الحكاية، أو لأمثالها مما لا تخفى.
فبالجملة: لا ينبغي الخلط بين حيثية الحمل، وحيثية الاتحاد، فإن الأولى ذهنية، والثانية خارجية، فالذي هو الحامل بين العنوانين هي نفس الانسانية، والهيئة لا تكون إلا موضوعة لما يتصدى له النفس، وهو حمل شئ على شئ.
وتوهم: أن الموضوع له كلي إذا كان ذهنيا، في غير محله، لتشخصه به.
كما لا ينبغي الخلط بين مباحث الألفاظ، ومسائل الفلسفة، وقد وقع ذلك في هذه المباحث وأشباهها لكثير من أهل الفضل والعلم. وارتباط مسائلها بعضها ببعض أحيانا لا يورث جوازه، ولا يستلزم اقتناص الحقائق الحكمية من الإطلاقات العرفية والاستعمالات الدارجة فليتأمل، فإن التحفظ عليه صعب جدا.
ثم إن في قولنا: " إن مفاد الهيئة التامة إثبات الاتحاد " إشكالا أو إشكالين، وذلك لأن إثبات الاتحاد يستلزم دوام الصدق، ولأن مفاد القضايا في الحمليات الأولية هو الاتحاد في الذات والمفهوم، وفي الشائع الصناعي هو الاتحاد في الوجود، وفي مثل " الانسان نوع " هو الأمر الآخر.
ويمكن حل الأول: بأن الإثبات أعم من الثبوت الواقعي، فإن كان ثابتا فالقضية صادقة، وإلا فهي كاذبة.
وحل الثاني: بأن المراد من " الاتحاد " هو المهمل منه، لا القسم الخاص، فإذا كان بين الموضوع والمحمول، نوع اتحاد في وعاء من الأوعية، فالهيئة متكفلة لإثباته والحكم به.
وإن شئت قلت: مفاده إثبات نوع اتحاد بين الموضوع والمحمول، وأما