الوالد - مد ظله -: من إنكار النسبة في هذه القضايا (1)، حق محض لا شبهة فيه.
مع شهادة البرهان، لأنه لو كان الأمر كما قيل يلزم إما المجاز، أو تعدد الوضع، أو زيادة الصفات على الذات الأحدية في القضايا المستعملة في حقه تعالى، مع أن الوجدان شاهد على خلافه.
فعناوين المشتقات المأخوذة من الذوات بكمالاتها، لا تكون زائدة عليها، خصوصا بناء على اعتبار الذات فيها، كما لا يخفى.
ومنها: ما تكون من قبيل " زيد له البياض " و " هو في الدار " من القضايا المسماة ب " المؤولة " فإنها عند الكل مشتملة على النسبة.
ولكنه غير تام، ضرورة أن معنى هذه الجملة: هو أن زيدا كائن له البياض، وثابت في الدار، فما دام لم يعتبر المشتق لا يصح الحمل، والمشتق معتبر من الذات بالحيثية الكمالية الملحوظة معها الفانية فيها حتى يكون كمالا لها، وإلا فهو أجنبي عنها، ولا يكون مصححا للحمل، كما هو الظاهر.
فالحروف في هذه الجمل، حاكيات عن وجودات الأعراض القائمة بالذوات، أي أن مفهوم " البياض " ومفهوم " الجسم " المتباينين بحسب التقرر، مرتبطان بحسب الخارج، ولا رابط بينهما إلا بوجود العرض الذي لا نفسية له إلا في الغير.
فما هو المحكي بالحروف غير ما هو المحكي بالهيئة، فإن المحكي بالحروف نفس الوجود في الموضوع، والمحكي بالهيئة فناء ذلك مع ما يتعلق به في الموضوع، و " أنه كماله " و " جماله " و " شأنه " و " طوره " وهكذا من العبائر المختلفة.
فوجود النسبة في القضايا بنحو الكلي ممنوع، من غير فرق بين أنحائها.
ومما يشهد لذلك صحة اعتبار القضايا المؤولة في الماهيات ولوازمها مع عدم لحاق الوجود بها في هذا الاعتبار، فتأمل جيدا.