والعجب من صاحب " المقالات " حيث ينسب إليه أن الانشاء هو إبراز المعتبر النفساني بمبرز خارجي.
وهذا إن رجع إلى لزوم تصور المبادلة قبل إنشاء البيع، فهو أمر واقعي مطابق للتحقيق، وقد أشرنا إليه.
وإن رجع إلى أمر آخر فهو واضح المنع، ضرورة أن المعتبر النفساني لا يمكن إبرازه، لأنه أمر ذهني لا يعتبر وراء النفس، فلا بد من كون المعتبر أمرا مطلقا من الذهن، ويكون في الاعتبار خارجيا، كما يقال: " زيد مالك وبايع " خارجا، لا ذهنا.
وإن أريد إظهار ما في الخيال فجميع القضايا مبرزات لما في النفس، إخبارية كانت، أو إنشائية.
هذا مع أنه يلزم كفاية الإخبار عما صنعه في الذهن من المبادلة الذهنية، فإنها ليست مبادلة اعتبارية، بل هي مبادلة وهمية أو خيالية، أي بدل بين الصور العلمية الموجودة عنده من الأثمان والمثمنات.
فما قيل: بكفاية الأمر النفساني عن الإبراز (1)، باطل، ومنشأه الغفلة عن أن الأمور الاعتبارية، موجودات معلقة على طريق القوانين الكلية، فما دام لم يوجد المقدم لا يتحقق التالي، ووجود المقدم هو المعتبر خارجا، وما كان وجوده اعتباريا في الخارج لا يتحقق بصرف الوهم والخيال.
فما هو القانون الكلي: " هو أنه إذا تحقق البيع في الخارج تحقق الملكية، ويتبادل الأملاك " والبيع الوهمي غير البيع الاعتباري بالضرورة، فإن وعاء الاعتبار اخذ من وعاء الخارج، لا الذهن، فاغتنم.
ثم إنك إن شئت قلت: الانشاء هو تحقيق المعتبرات العقلائية، أي إيجادها