السير - الصدور - انا - الابتداء - البصرة - الانتهاء - الكوفة. فيكون الموجود في الذهن في هذا اللحاظ سبعة معان مستقلة متفرقة لا ربط بينها أصلا يعبر عنها بسبعة ألفاظ غير مرتبطة، فما كان بحسب اللحاظ الأول رابطة بالحمل الشايع يصير بحسب اللحاظ الثاني مفهوما مستقلا يحتاج في ارتباطه بالغير إلى رابط فيقال مثلا: ابتدأت من البصرة أو يقال: ابتداء السير البصرة، فيرتبط مفهوم الابتدائية بغيره بوسيلة كلمة (من) أو بهيئة الإضافة. (والحاصل) ان عالم الذهن والتصور لما كان أوسع من عالم الخارج والتحقق فيمكن ان يوجد فيه نقش الخارج من دون تفاوت، فيكون المعاني مرتبطة فيه بحقيقة الارتباط على وزان ما في الخارج، ويمكن أيضا ان يوجد فيه ما كان بحسب اللحاظ الأول حقيقة ربطية مندكة، بنحو الاستقلال في قبال سائر المعاني المستقلة.
(إذا عرفت هذا فنقول) المعنى الحرفي عبارة عن المفهوم الاندكاكي الذي به يحصل الربطين بين المفاهيم المستقلة، ويكون بحسب اللحاظ من خصوصيات المفاهيم المستقلة، والمعنى الاسمي عبارة عن المفاهيم المستقلة المتفرقة في حد ذاتها.
(وبعبارة أخرى) حقيقة الارتباط والتخصص المتحقق في الخارج بنحو الفناء والاندكاك في الطرفين ان وجدت في الذهن على وزان وجودها الخارجي يكون معنى أدويا وان انتزع عنها مفهوم مستقل ملحوظ بحياله في قبال مفهومي الطرفين يصيرا مفهوما اسميا.
فلفظ الابتداء مثلا موضوع لمفهوم الابتدائية المنتزعة عن الطرفين والملحوظة بحيالها في قبال الطرفين، بحيث صارت بنفسه طرفا يحتاج إلى الربط، ولفظة من موضوعة لحقيقة الارتباط الابتدائي التي توجد في الذهن بنحو الاندكاك في الطرفين كما في الخارج، وبها يحصل الربط بينهما (وبهذا البيان ظهر) ان الفرق بين المعنى الحرفي والمفهوم الاسمي فرق جوهري ذاتي وانهما سنخان من المعنى، وضع لأحدهما الاسم، وللاخر الحرف.
(وظهر أيضا) ان الموضوع له في الحروف لا يعقل أن يكون عاما، لما عرفت من أن الموضوع له لكلمة من مثلا، ليس هو مفهوم الابتدائية الذي هو معنى كلى، بل هو حقيقة الارتباط الابتدائي الخاص المندك في الطرفين (وبعبارة أخرى) المعنى الحرفي عبارة عن حقيقة الربط ومصداقه الخاص المتحقق بتبع الطرفين، وهي الموضوع له لكلمة من مثلا،