ولا يجب علينا البحث والتفتيش عن وقت الانتقال إليه فإن ذلك ظنون وتخمين لا يرجع إلى دليل صالح متين. ولو كان المعتق في هذا الحال أب الآمر صح عتقه ولو في الكفارة على إشكال. ووجهه احتمال عدم الاجزاء لأنه إما أن يكون ملكه قبل انعتاقه أو لا، وأيا ما كان فالظاهر عدم الاجزاء.
(أما) الأول فلأن ملكه يستلزم عتقه عليه قهرا بالسبب لا اختيارا، فلا يصح عتقه عن الكفارة لاشتراطه بالاختيار.
(وأما) عن الثاني فلا يصح العتق أصلا فضلا عن عتقه في الكفارة، لما ثبت أنه لا عتق إلا في ملك، ولأن شرط العتق النية لأنه عبادة ولا يمكن تحققها إلا بعد تحقق الملك إذ قبل الملك لا يصح نية العتق ويكون قبل تحقق العتق فتكون بينهما، وهذا محال لأنه لا فاصل بينهما متحقق فيه النية.
ويحتمل الاجزاء لأن الموجب للعتق هنا الصيغة التي وضعها الشارع للعتق الصادر اختيار منه بالنية لا غيرها، لأن ذلك الغير إما الملك أو النسب أو هما أو حكم الشارع بشرط وجود الملك والنسب، والظاهر انتفاء الأولين، إذ الملك علة معدة لوجود خاصتها فيه، وكذا النسب لاجتماعه مع الملك ابتداء، وعلة العدم لا تجامع الوجود ابتداء، وليس هذا محل تحقيقه.
ولو سلمنا فإنه إنما يقتضي مع عدم المانع، والمانع هنا من تأثير ذلك السبب موجود وهو الصيغة، فإن اقتضاءها الملك مشروط بكونها صالحة لكونها موجب العتق لأنها إن لم توجب هي ولا جزؤها الملك لم توجب العتق، وكونها صالحة للتأثير في إيجاب العتق يمنع من إيجاب الملك أو النسب أو حكم الشرع للعتق لا بسببها فينعتق بها لا بغيرها، وهذا الملك لا يصلح للاعتاق بالنسب ولا لكونه شرطا له، وكذا النسب هنا لأنه إعتاق بالنيابة ولا شئ من العتق النسبي كذلك، فكل عتق بالصيغة الموضوعة للعتق شرعا تجزي عن الكفارة، فالأولى إذا الاجزاء.
فلا يرد هنا ما قرروه من الاشكال على هذه المسألة وهو لزوم الدور الفقهي