ويظهر من الشيخ والفاضلين أن الامكان يحصل باستكمال عشر سنين، وربما قيل بالاكتفاء بالطعن فيها ولو ساعة واحدة، والأخبار والعادة لم تشهد بشئ من المذهبين. ثم إذا حكمنا بثبوت النسب الحصول الامكان بسبب البلوغ فلا إشكال، وإن لم يثبت بالبلوغ مع إمكانه ثبت النسب دون البلوغ لأن النسب يثبت الاحتمال والامكان والبلوغ لا يكفي فيه الاحتمال، فلا يصح ملاعنة في تلك الحال لو نفاه، لأن شرط الملاعنة الكمال بالبلوغ والعقل، لكن لو قال: أنا بالغ بالاحتلام وكان رشيدا فله اللعان لأن ذلك مما يرجع إليه فيه ولا يعلم إلا من قبله غالبا. ثم إن مات قبل البلوغ شرعا لحقه الولد وورث منه وإن كان قد أنكره صغيرا، وإن بلغ فإن اعترف به أو لم ينكره ثبت نسبه، وإن أنكره عقيب البلوغ ولا عن انتفى عنه كغيره.
ولو وطأ الزوج دبرا فحملت الحق به في المشهور لأن الوطء في الدبر بمنزلة الوطء في القبل بالنسبة إلى كثير من أحكام الوطء لاطلاق الأدلة ومنها إلحاق الولد، فإنه وإن لم يكن مسلك مجرى المني الطبيعي إلى الرحم لكن لقربه منه يمكن استرسال المني في الفرج من غير شعور وإن كان نادرا، وظاهر هم الاتفاق على هذا الحكم. وظاهر الأخبار النافية لحبل الذكر بأن لهم أرحاما منكوسة لأجل ذلك لا تحبل مما يدل على الاسترسال وإن وقع الوطء في دبر النساء، وظاهر الأصحاب الاتفاق على هذا الحكم. وقد تنظر في أصل الحكم جماعة منهم ثاني الشهيدين في المسالك ومنهم العلامة في التحرير لكنه خصه بحالة العزل.
قال ثاني الشهيدين في مسالكه: وتحرير موضع الحكم فيه لا يخلوا من خفاء لأن ظاهره التعليل ما إذا وطأ دبرا وأنزل فحملت على وجه يمكن تولده من ذلك الوطء فإنه لا ينتفي عنه إلا باللعان، بل لا يجوز له نفيه أيضا بمجرد ذلك لامكان استرسال المني إلى الفرج. وعلى هذا فلو وطأ دبرا ولم ينزل لم يلحق فيما بينه وبين الله تعالى ووجب عليه نفيه كما لو لم يطأ أصلا، ولكن يبقى فيه أنهم