عدم الاشتراط ولوجود المقتضي للعان وهو نفي الولد وانتفاء المانع إذ ليس إلا السكوت، وذلك أعم من كونه إقرار فلا يدل عليه، ولأن أمر النسب خطير، وقد ورد الوعيد في نفي من هو منه وفي استلحاق من ليس منه، وقد يحتاج إلى نظر وتأمل فتجب له المهلة. وهذا أقوى. وظاهر المحقق عدم تحديد الامهال بمدة وعليه فلا يسقط إلا بالاعتراف به أو بالاسقاط. وإذا قلنا بفوريته فأخره بلا عذر سقط عذره ولزمه الولد، وإن كان معذورا لعدم الحاكم أو لتعذر الوصول إليه أو ببلوغ الخبر ليلا فأخر حتى يصبح أو حضرت الصلاة فقدمها أو احتاج لا حراز ماله أولا أو كان ذا جوع أو عاريا فأكل أو لبس أولا أو كان محبوسا أو مريضا لم يبطل حقه، وهل يجب عليه الاشهاد على النفي؟ وجهان، وقد سبق له نظائره كثيرة، ولو أمكن المريض أن يرسل إلى الحاكم أو يعلمه بالحال أو يستدعي منه أن يبعث إليه نائبا من عنده فلم يفعل بطل حقه لأن مثل هذا متيسر له ومثله ملائم غريمه ومن يلزمه غريمه.
أما الغائب عن بلد التولد فإن كان في الموضع الذي غاب إليه قاض ونفى الولد عند وصول خبره إليه عند وصول المطلوب ولو أراد التأخير إلى أن يرجع إلى بلده جوازه وجهان: من منافاة الفورية اختيارا ومن أن للتأخير غرضا ظاهرا وهو الانتقال منها بإظهار خبرها في بلدها وعند قومها، وحينئذ فإن لم يمكن المسير في الحال لعدم أمن الطريق ونحوه فينبغي أن يشهد على ذلك، وإن أمكنه فليأخذ في السفر وعند التأخير يبطل حقه، فإن لم يكن هناك قاض فالحكم كما لو كان وأراد التأخير إلى بلده وجوزناه.
ومن الأعذار المسوغة لذلك التأخير عند معتبري الفورية ما لو ظهر حمل، فإنه مما يجوز له معه أن يؤخر نفيه إلى الوضع فإن متوهم الحمل مما كونه ريحا فيفسد فله أن يصبر إلى أن ينفصل الحمل وحينئذ فله النفي. وإن قال:
عرفت أنه ولد ولكن أخرته طمعا في أن تجهض وتسقط فلا أحتاج إلى كشف الأمر