غير مذكور لحصول العلم به من غير ذكر تقديره: سبح الله بحمد ربك، أي ملتبسا ومقترنا بحمد ربك، وعلى قولنا صل، نقول يحتمل أن يكون ذلك أمرا بقراءة الفاتحة في الصلاة يقال: صلى فلان بسورة كذا أو صلى بقل هو الله أحد، فكأنه يقول صلى بحمد الله أي مقروءا فيها: الحمد لله رب العالمين، وهو أبعد الوجوه، وأما التعدية من غير حرف فنقول هو الأصل لأن التسبيح يتعدى بنفسه لأن معناه تبعيد من السوء، وأما اللام فيحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون كما في قول القائل نصحته ونصحت له، وشكرته وشكرت له. وثانيهما: أن يكون لبيان الأظهر أي يسبحون الله وقلوبهم لوجه الله خالصة.
البحث الثاني: قال ههنا: * (سبح بحمد ربك) * ثم قال تعالى: * (ومن الليل فسبحه) * من غير باء فما الفرق بين الموضعين؟ نقول الأمر في الموضعين واحد على قولنا التقدير سبح الله مقترنا بحمد ربك، وذلك لأن سبح الله كقول القائل فسبحه غير أن المفعول لم يدكر. أولا: لدلالة قوله بحمد ربك عليه. وثانيا: لدلالة ما سبق عليه لم يذكر بحمد ربك، الجواب الثاني على قولنا سبح بمعنى صل يكون الأول أمرا بالصلاة، والثاني أمرا بالتنزيه، أي وصل بحمد ربك في الوقت وبالليل نزهه عما لا يليق، وحينئذ يكون هذا إشارة إلى العمل والذكر والفكر. فقوله: * (سبح) * إشارة إلى خير الأعمال وهو الصلاة، وقوله: * (بحمد ربك) * إشارة إلى الذكر، وقوله: * (ومن الليل فسبحه) * إشارة إلى خير الأعمال وهو الصلاة، وقوله: * (بحمد ربك) * إشارة إلى الذكر، وقوله: * (ومن الليل فسبحه) * إشارة إلى الفكر حين هدوا الأصواب، وصفاء الباطن أي نزهه عن كل سوء بفكرك، واعلم أنه لا يتصف إلا بصفات الكمال ونعوت الجلال، وقوله تعالى: * (وأدبار السجود) * قد تقدم بعض ما يقال في تفسيره، ووجه آخر هو أنه إشارة إلى الأمر بإدامة التسبيح، فقوله: * (بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب * ومن الليل فسبحه) * إشارة إلى أوقات الصلاة، وقوله: * (وأدبار السجود) * يعني بعدما فرغت من السجود وهو الصلاة فلا تترك تسبيح الله وتنزيهه بل داوم أدبار السجود ليكون جميع أوقاتك في التسبيح فيفيد فائدة قوله تعالى: * (واذكر ربك إذا نسيت) * (الكهف: 24) وقوله: * (فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب) * (الشرح: 7، 8) وقرئ: * (أدبار السجود) *.
البحث الثالث: الفاء في قوله تعالى: * (فسبحه) * ما وجهها؟ نقول هي تفيد تأكيد الأمر بالتسبيح من الليل، وذلك لأنه يتضمن الشرط كأنه يقول: وأما من الليل فسبحه، وذلك لأن الشرط يفيد أن عند وجوده يجب وجود الجزاء، وكأنه تعالى يقول النهار محل الاشتغال وكثرة الشواغل، فأما الليل فمحل السكون والانقطاع فهو وقت التسبيح، أو نقول بالعكس الليل محل النوم والثبات والغفلة، فقال: أما الليل فلا تجعله للغفلة بل أذكر فيه ربك ونزهه.
البحث الرابع: * (من) * في قوله: * (ومن الليل) * يحتمل وجهين. أحدهما: أن يكون لابتداء الغاية أي من أول الليل فسبحه، وعلى هذا فلم يذكر له غاية لاختلاف ذلك بغلبة النوم وعدمها، يقال أنا من الليل أنتظرك. ثانيهما: أن يكون للتبعيض أي اصرف من الليل طرفا إلى التسبيح يقال: من مالك