ذلك بملك اليمين لأن ملك اليمين حاصل في النكاح وفي الملك.
القول الثاني: أن المراد ههنا بالمحصنات الحرائر، والدليل عليه قوله تعالى بعد هذه الآية: * (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فما ملكت أيمانكم) * (النساء: 25) ذكر ههنا المحصنات ثم قال بعده: * (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات) * كان المراد بالمحصنات ههنا ما هو المراد هناك، ثم المراد من المحصنات هناك الحرائر، فكذا ههنا. وعلى هذا التقدير ففي قوله: * (إلا ما ملكت أيمانكم) * وجهان: الأول: المراد منه إلا العدد الذي جعله الله ملكا لكم وهو الأربع، فصار التقدير: حرمت عليكم الحرائر إلا العدد الذي جعله الله ملكا لكم وهو الأربع، الثاني: الحرائر محرمات عليكم إلا ما أثبت الله لكم ملكا عليهن، وذلك عند حضور الولي والشهود وسائر الشرائط المعتبرة في الشريعة، فهذا الأول في تفسير قوله: * (إلا ما ملكت أيمانكم) * هو المختار، ويدل عليه قوله تعالى: * (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم) * (المعارج: 29 - 30، المؤمنون: 5 - 6) جعل ملك اليمين عبارة عن ثبوت الملك فيها، فوجب أن يكون ههنا مفسرا بذلك، لأن تفسير كلام الله تعالى بكلام الله أقرب الطرق إلى الصدق والصواب والله أعلم. المسألة الخامسة: اتفقوا على أنه إذا سبى أحد الزوجين قبل الأخر وأخرج إلى دار الاسلام وقعت الفرقة. أما إذا سبيا معا فقال الشافعي رضي الله عنه: ههنا تزول الزوجية، ويحل للمالك أن يستبرئها بوضع الحمل إن كانت حاملا من زوجها، أو بالحيض. وقال أبو حنيفة رحمة الله عليه: لا تزول. حجة الشافعي رضي الله عنه أن قوله: * (والمحصنات من النساء) * يقتضي تحريم ذات الأزواج ثم قوله: * (إلا ما ملكت أيمانكم) * يقتضي أن عند طريان الملك ترفع الحرمة ويحصل الحل، قال أبو بكر الرازي: لو حصلت الفرقة بمجرد طريان الملك لوجب أن تقع الفرقة بشراء الأمة واتهابها وإرثها، ومعلوم أنه ليس كذلك، فيقال له: كأنك ما سمعت أن العام بعد التخصيص حجة في الباقي، وأيضا: فالحاصل عند السبي إحداث الملك فيها، وعند البيع نقل الملك من شخص إلى شخص فكان الأول أقوى، فظهر الفرق.
المسألة السادسة: مذهب علي وعمر وعبد الرحمن بن عوف أن الأمة المنكوحة إذا بيعت لا يقع عليها الطلاق، وعليه إجماع الفقهاء اليوم، وقال أبي بن كعب