ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شئ شهيدا (23) ذلك. الثاني: لكل أحد جزاء مما اكتسب من الطاعات، فلا ينبغي أن يضيعه بسبب الحسد المذموم وتقديره: لا تضيع مالك وتتمن ما لغيرك. الثالث: للرجال نصيب مما اكتسبوا سبب قيامهم بالنفقة على النساء، وللنساء نصيب مما اكتسبن، يريد حفظ فروجهن وطاعة أزواجهن، وقيامها بمصالح البيت من الطبخ والخبز وحفظ الثياب ومصالح المعاش، فالنصيب على هذا التقدير هو الثواب.
وأما الاحتمال الثالث: فهو أن يكون المراد من الآية: كل هذه الوجوه: لأن هذا اللفظ محتمل، ولا منافاة.
ثم قال تعالى: * (واسألوا الله من فضله) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قرأ ابن كثير والكسائي: * (وسلوا الله من فضله) * بغير همز، بشرط أن يكون أمرا من السؤال، وبشرط أن يكون قبله واو أو فاء، والباقون بالهمز في كل القرآن.
أما الأول: فنقل حركة الهمزة إلى السين، واستغنى عن ألف الوصل فحذفها.
وأما الثاني: فعلى الأصل. واتفقوا في قوله: * (وليسألوا) * أنه بالهمزة، لأنه أمر لغائب.
المسألة الثانية: قال أبو علي الفارسي: قوله: * (من فضله) * في موضع المفعول الثاني في قول أبي الحسن ويكون المفعول الثاني محذوفا في قياس قول سيبويه، والصفة قائمة مقامه، كأنه قيل: واسألوا الله نعمته من فضله.
المسألة الثالثة: قوله: * (واسألوا الله من فضله) * تنبيه على أن الانسان لا يجوز له أن يعين شيئا في الطلب والدعاء، ولكن يطلب من فضل الله ما يكون سببا لصلاحه في دينه ودنياه على سبيل الاطلاق.
ثم قال: * (إن الله كان بكل شيء عليما) * والمعنى أنه تعالى هو العالم بما يكون صالحا للسائلين، فليقتصر السائل على المجمل، وليحترز في دعائه عن التعيين، فربما كان ذلك محض المفسدة والضرر والله أعلم.
قوله تعالى (ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شئ شهيدا)