واعلم انك لا ترى حالة أسوأ ولا أقبح ممن جمع بين هذين الأمرين أعني الضلال والاضلال.
ثم قال تعالى: * (والله أعلم بأعدائكم) * أي هو سبحانه أعلم بكنه ما في قلوبهم وصدورهم من العداوة والبغضاء.
ثم قال تعالى: * (وكفى بالله وليا وكفي بالله نصيرا) * والمعنى أنه تعالى لما بين شدة عداوتهم للمسلمين، بين أن الله تعالى ولى المسلمين وناصرهم، ومن كان الله وليا له وناصرا له لم تضره عداوة الخلق، وفي الآية سؤالات: السؤالا الأول: ولاية الله لعبده عبارة عن نصرته له، فذكر النصير بعد ذكر الولي تكرارا.
والجواب: ان الولي المتصرف في الشيء، والمتصرف في الشيء لا يجب أن يكون ناصرا له فزال التكرار.
السؤال الثاني: لم لم يقل: وكفى بالله وليا ونصيرا؟ وما الفائدة في تكرير قوله: * (وكفى بالله) *.
والجواب: ان التكرار في مثل هذا المقام يكون أشد تأثيرا في القلب وأكثر مبالغة.
السؤال الثالث: ما فائدة الباء في قوله: * (وكفى بالله وليا) *.
والجواب: ذكروا وجوها، الأول: لو قيل: كفى الله، كان يتصل الفعل بالفاعل. ثم ههنا زيدت الباء إيذانا أن الكفاية من الله ليست كالكفاية من غيره في الرتبة وعظم المنزلة. الثاني: قال ابن السراج: تقدير الكلام: كفى اكتفاؤك بالله وليا، ولما ذكرت " كفى " دل على الاكتفاء، لأنه من لفظه، كما تقول: من كذب كان شرا له، أي كان الكذب شرا له، فأضمرته لدلالة الفعل عليه. الثالث: يخطر ببالي أن الباء في الأصل للالصاق، وذلك إنما يحسن في المؤثر الذي لا واسطة بينه وبين التأثير، ولو قيل: كفى الله، دل ذلك على كونه تعالى فاعلا لهذه الكفاية، ولكن لا يدل ذلك على أنه تعالى يفعل بواسطة أو بغير واسطة، فإذا ذكرت حرف الباء دل على أنه يفعل بغير واسطة، بل هو تعالى يتكفل بتحصيل هذا المطلوب ابتداء من غير واسطة أحد، كما قال: * (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) * (ق: 16).
قوله تعالى * (من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير