صحيحا، ولا يقال للمرأة: ماذا عليها لو كانت رجلا، وللقبيح: ماذا عليه لو كان جميلا، وكما لا يحسن هذا القول من العاقل كذا لا يحسن من الله تعالى، فبطل بهذا ما يقال: إنه وإن قبح من غيره، لكنه يحسن منه لأن الملك ملكه. وقال القاضي عبد الجبار: إنه لا يجوز أن يأمر العاقل وكيله بالتصرف في الضيعة ويحبسه من حيث لا يتمكن من مفارقة الحبس، ثم يقول له: ماذا عليك لو تصرفت في الضيعة، وإذا كان من يذكر مثل هذا الكلام سفيها دل على أن ذلك غير جائز على الله تعالى، فهذا جملة ما ذكروه من الأمثلة.
واعلم أن التمسك بطريقة المدح والذم والثواب والعقاب قد كثر للمعتزلة، ومعارضتهم بمسألتي العلم والداعي قد كثرت، فلا حاجة إلى الإعادة.
ثم قال تعالى: * (وكان الله عليما) * والمعنى أن القصد إلى الرئاء إنما يكون باطنا غير ظاهر، فبين تعالى أنه عليم ببواطن الأمور كما هو عليم بظواهرها، فان الانسان متى اعتقد ذلك صار ذلك كالرادع له عن القبائح من أفعال القلوب: مثل داعية النفاق والرياء والسمعة.
قوله تعالى * (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما) *.
اعلم أن تعلق هذه الآية هو بقوله تعالى: * (وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله) * (النساء: 39) فكأنه قال: فان الله لا يظلم من هذه حاله مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها، فرغب بذلك في الايمان والطاعة.
واعلم أن هذه الآية مشتملة على الوعد بأمور ثلاثة: الأول: قوله تعالى: * (إن الله لا يظلم مثقال ذرة) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: الذرة النملة الحمراء الصغيرة في قول أهل اللغة. وروي عن ابن عباس أنه أدخل يده في التراب ثم رفعها ثم نفخ فيها، ثم قال: كل واحد من هذه الأشياء ذرة و * (مثقال) * مفعال من الثقل يقال: هذا على مثقال هذا، أي وزن هذا، ومعنى * (مثقال ذرة) * أي ما يكون وزنه وزن الذرة.
واعلم أن المراد من الآية أنه تعالى لا يظلم قليلا ولا كثيرا، ولكن الكلام خرج على أصغر