وزعم أنه غير منسوخ. الثالث: يمكن أن يكون ذلك استثناء من قوله: * (ولا تعضلوهن) * لأن العضل هو الحبس فدخل فيه الحبس في البيت، فالأولياء والأزواج نهوا عن حبسهن في البيوت إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فعند ذلك يحل للأولياء والأزواج حبسهن في البيوت.
المسألة الثالثة: قرأ نافع وأبو عمرو * (مبينة) * بكسر الياء و * (آيات مبينات) * (النور: 34) بفتح الياء حيث كان، قال لأن في قوله: * (مبينات) * قصد إظهارها، وفي قوله: * (بفاحشة مبينة) * لم يقصد اظهارها، وقرأ ابن كثير وأبو بكر عن عاصم بالفتح فيهما، والباقون بكسر الياء فيهما، أما من قرأ بالفتح فله وجهان: الأول: أن الفاحشة والآيات لا فعل لهما في الحقيقة، إنما الله تعالى هو الذي بينهما. والثاني: ان الفاحشة تتبين، فان يشهد عليها أربعة صارت مبينة، وأما الآيات فان الله تعالى بينها، وأما من قرأ بالكسر فوجهه أن الآيات إذا تبينت وظهرت صارت أسبابا للبيان وإذا صارت أسبابا للبيان جاز إسناد البيان إليها، كما أن الأصنام لما كانت أسبابا للضلال حسن اسناد الاضلال إليها كقوله تعالى: * (رب إنهن أضللن كثيرا من الناس) * (إبراهيم: 36).
النوع الثالث: من التكاليف المتعلقة بأحوال النساء قوله تعالى: * (وعاشروهن بالمعروف) * وكان القوم يسيئون معاشرة النساء فقيل لهم: وعاشروهن بالمعروف، قال الزجاج: هو النصفة في المبيت والنفقة، والاجمال في القول.
ثم قال تعالى: * (فان كرهتموهن) * أي كرهتم عشرتهن بالمعروف وصحبتهن، وآثرتم فراقهن * (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) * والضمير في قوله * (فيه) * إلى ماذا يعود؟ فيه وجهان: الأول: المعنى انكم إن كرهتم صحبتهن فأمسكوهن بالمعروف فعسى أن يكون في صحبتهن الخير الكثير ومن قال بهذا القول فتارة فسر الخير الكثير بولد يحصل فتنقلب الكراهة محبة، والنفرة رغبة وتارة بأنه لما كره صحبتها ثم إنه يحمل ذلك المكروه طلبا لثواب الله، وأنفق عليها وأحسن إليها على خلاف الطبع، استحق الثواب الجزيل في العقبى والثناء الجميل في الدنيا، الثاني: أن يكون المعنى إن كرهتموهن ورغبتم في مفارقتهن، فربما جعل الله في تلك المفارقة لهن خيرا كثيرا، وذلك بأن تتخلص تلك المرأة من هذا الزوج وتجد زوجا خيرا منه، ونظيره قوله: * (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته) * (النساء: 130) وهذا قول أبي بكر الأصم، قال القاضي: وهذا بعيد لأنه تعالى حث بما ذكر على سبيل الاستمرار على الصحبة، فكيف يريد بذلك المفارقة.
النوع الرابع: من التكاليف المتعلقة بالنساء.