فعيل من النقر، ويقال للخشب الذي ينقر فيه نقير لأنه ينقر، والنقر ضرب الحجر وغيره بالمنقار والمنقار حديدة كالفأس تقطع بها الحجارة، والغرض انهم يبخلون بأقل القليل.
قوله تعالى * (أم يحسدون الناس على مآ ءاتاهم الله من فضله فقد ءاتينآ ءال إبراهيم الكتاب والحكمة وءاتيناهم ملكا عظيما * فمنهم من ءامن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا) *.
فيه مسائل:
المسألة الأولى: أم: منقطعة، والتقدير بل يحسدون الناس.
المسألة الثانية: في المراد بلفظ " الناس " قولان: الأول: وهو قول ابن عباس والأكثرين انه محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما جاز أن يقع عليه لفظ الجمع وهو واحد لأنه اجتمع عنده من خصال الخير ما لا يحصل إلا متفرقا في الجمع العظيم، ومن هذا يقال: فلان أمة وحده، أي يقوم مقام أمة، قال تعالى: * (إن إبراهيم كان أمة قانتا) * (النحل: 120).
والقول الثاني: المراد ههنا هو الرسول ومن معه من المؤمنين، وقال من ذهب إلى هذا القول: ان لفظ الناس جمع، فحمله على الجمع أولى من حمله على المفرد.
واعلم أنه إنما حسن ذكر الناس لإرادة طائفة معينة من الناس، لأن المقصود من الخلق إنما هو القيام بالعبودية، كما قال تعالى: * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) * (الذاريات: 56) فلما كان القائمون بهذا المقصود ليس إلا محمدا صلى الله عليه وسلم ومن كان على دينه كان وهو وأصحابه كأنهم كل الناس، فلهذا حسن إطلاق لفظ الناس وإرادتهم على التعيين:
المسألة الثالثة: اختلفوا في تفسير الفضل الذي لأجله صاروا محسودين على قولين:
فالقول الأول: انه هو النبوة والكرامة الحاصلة بسببها في الدين والدنيا.
والقول الثاني: انهم حسدوه على أنه كان له من الزوجات تسع.