فروجهن بكلمة الله. الثالث: قوله: * (وأخذن منكم ميثاقا غليظا) * أي أخذن منكم بسبب إفضاء بعضكم إلى بعض ميثاقا غليظا، وصفه بالغلظة لقوته وعظمته، وقالوا: صحبة عشرين يوما قرابة، فكيف بما يجري بين الزوجين من الاتحاد والامتزاج.
النوع الخامس: من الأمور التي كلف الله تعالى بها في هذه الآية من الأمور المتعلقة بالنساء.
* (ولا تنكحوا ما نكح ءاباؤكم من النسآء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وسآء سبيلا) *.
فيه مسائل:
المسألة الأولى: قال ابن عباس وجمهور المفسرين: كان أهل الجاهلية يتزوجون بأزواج آبائهم فنهاهم الله بهذه الآية عن ذلك الفعل.
المسألة الثانية: قال أبو حنيفة رضي الله عنه: يحرم على الرجل أن يتزوج بمزنية أبيه، وقال الشافعي رحمة الله عليه: لا يحرم احتج أبو حنيفة بهذه الآية فقال: إنه تعالى نهى الرجل أن ينكح منكوحة أبيه، والنكاح عبارة عن الوطء فكان هذا نهيا عن نكاح موطوءة أبيه، إنما قلنا: إن النكاح عبارة عن الوطء لوجوه: الأول: قوله تعالى: * (فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) * (البقرة: 230) أضاف هذا النكاح إلى الزوج، والنكاح المضاف إلى الزوج هو الوطء لا العقد، لأن الانسان لا يمكنه أن يتزوج بزوجة نفسه لأن تحصيل الحاصل محال، ولأنه لو كان المراد بالنكاح في هذه الآية هو العقد لوجب أن يحصل التحليل بمجرد العقد وحيث لم يحصل علمنا أن المراد من النكاح في هذه الآية ليس هو العقد، فتعين أن يكون هو الوطء لأنه لا قائل بالفرق، الثاني: قوله تعالى: * (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح) * (النساء: 6) والمراد من النكاح ههنا الوطء لا العقد، لأن أهلية العقد كانت حاصلة أبدا. الثالث: قوله تعالى: * (الزاني لا ينكح إلا زانية) * (النور: 3) فلو كان المراد ههنا العقد لزم الكذب. الرابع: قوله عليه الصلاة والسلام: " ناكح اليد ملعون " ومعلوم أن المراد ليس هو العقد بل هو الوطء. فثبت بهذه الوجوه أن النكاح عبارة عن الوطء، فلزم أن يكون قوله تعالى: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم) * أي: ولا تنكحوا ما وطئهن آباؤكم، وهذا يدخل فيه المنكوحة والمزنية، لا يقال: كما أن لفظ النكاح ورد بمعنى الوطء فقد ورد