المسألة الثالثة: ظاهر قوله: * (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) * لا يتناول حلائل الأبناء من الرضاعة، فلما قال في آخر الآية: * (وأحل لكم ما وراء ذلكم) * لزم من ظاهر الآيتين حل التزوج بأزواج الأبناء من الرضاع، إلا أنه عليه السلام قال: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " فاقتضى هذا تحريم التزوج بحليلة الابن من الرضاع لأن قوله: * (وأحل لكم ما وراء ذلكم) * يتناول الرضاع وغير الرضاع، فكان قوله: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " أخص منه، فخصصوا عموم القرآن بخبر الواحد والله أعلم.
المسألة الرابعة: اتفقوا على أن حرمة التزوج بحليلة الابن تحصل بنفس العقد كما أن حرمة التزوج بحليلة الأب تحصل بنفس العقد، وذلك لأن عموم الآية يتناول حليلة الابن، سواء كانت مدخولا بها أو لم تكن. أما ما روي أن ابن عباس سئل عن قوله: * (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) * أنه تعالى لم يبين أن هذا الحكم مخصوص بما إذا دخل الابن بها. أو غير مخصوص بذلك، فقال ابن عباس: أبهموا ما أبهمه الله، فليس مراده من هذا الابهام كونها مجملة مشتبهة، بل المراد من هذا الابهام التأييد. ألا ترى أنه قال في السبعة المحرمة من جهة النسب: انها من المبهمات، أي من اللواتي تثبت حرمتهن على سبيل التأبيد، فكذا ههنا والله أعلم.
المسألة الخامسة: اتفقوا على أن هذه الآية تقتضي تحريم حليلة ولد الولد على الجد، وهذا يدل على أن ولد الولد يطلق عليه أنه من صلب الجد، وفيه دلالة على أن ولد الولد منسوب إلى الجد بالولادة.
النوع الثالث عشر: من المحرمات.
قوله تعالى: * (وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما) * في الآية مسائل:
المسألة الأولى: قوله: * (وأن تجمعوا بين الأختين) * في محل الرفع، لأن التقدير: حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم والجمع بين الأختين.
المسألة الثانية: الجمع بين الأختين يقع على ثلاثة أوجه: إما أن ينكحهما معا، أو يملكهما معا، أو ينكح إحداهما ويملك الأخرى، أما الجمع بين الأختين في النكاح. فذلك يقع على وجهين: أحدهما: أن يعقد عليهما جميعا، فالحكم ههنا: إما الجمع، أو التعيين، أو التخيير، أو الابطال، أما الجمع فباطل بحكم هذه الآية هكذا قالوا، إلا أنه مشكل على أصل أبي حنيفة رضي الله عنه، لأن