مناة، وقال مقاتل: هم خزاعة وخزيمة بن عبد مناة.
واعلم أن ذلك يتضمن بشارة عظيمة لأهل الايمان، لأنه تعالى لما رفع السيف عمن التجأ إلى من التجأ إلى المسلمين، فبأن يرفع العذاب في الآخرة عمن التجأ إلى محبة الله ومحبة رسوله كان أولى والله أعلم.
الموضع الثاني في الاستثناء: قوله تعالى: * (أو جاؤكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم ويقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فان اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا) * وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: قوله تعالى: * (أو جاؤكم) * يحتمل أن يكون عطفا على صلة * (الذين) * والتقدير: إلا الذين يصلون بالمعاهدين أو الذين حصرت صدورهم فلا يقاتلونكم، ويحتمل أن يكون عطفا على صفة " قوم " والتقدير: إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم عهد، أو يصلون إلى قوم حصرت صدورهم فلا يقاتلونكم، والأول أولى لوجهين: أحدهما: قوله تعالى: * (فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم) * (النساء: 89) وهذا يدل على أن السبب الموجب لترك التعرض لهم هو تركهم للقتال، وهذا انما يتمشى على الاحتمال الأول، وأما على الاحتمال الثاني فالسبب الموجب لترك التعرض لهم هو الاتصال بمن ترك القتال. الثاني: أن جعل ترك القتال موجبا لترك التعرض أولى من جعل الاتصال بمن ترك القتال سببا قريبا لترك التعرض، لان على التقدير الأول يكون ترك القتال سببا قريبا لترك التعرض، وعلى السبب الثاني يصير سببا بعيدا.
المسألة الثانية: قوله: * (حصرت صدورهم) * معناه ضاقت صدورهم عن المقاتلة فلا يريدون قتالكم لأنكم مسلمون، ولا يريدون قتالهم لانهم أقاربهم. واختلفوا في موضع قوله: * (حصرت صدورهم) * وذكروا وجوها: الأول: أنه في موضع الحال باضمار " قد " وذلك لان " قد " تقرب