فيتناول المؤمن والكافر، وإذا ثبت أنه تناول الكافر وجب أن يكون النكاح فاسدا، لأن النهي يدل على الفساد. فيقال له: انك بنيت هذا الاستدلال على أن الكفار مخاطبون بفروع الشرائع وعلى أن النهي يدل على الفساد، وأبو حنيفة لا يقول بواحد من هذين الأصلين، فان قال: فهما صحيحان على قولكم: فكان هذا الاستدلال لازما عليكم فنقول: قولنا: الكفار مخاطبون بفروع الشرائع لا نعني به في أحكام الدنيا، فإنه ما دام كافرا لا يمكن تكليفه بفروع الاسلام، وإذا أسلم سقط عنه كل ما مضى بالاجماع، بل المراد منه أحكام الآخرة، وهو أن الكافر يعاقب بترك فروع الاسلام كما يعاقب على ترك الاسلام، إذا عرفت هذا فنقول: أجمعنا على أنه لو تزوج الكافر بغير ولي ولا شهود، أو تزوج بها على سبيل القهر، فبعد الاسلام يقر ذلك النكاح في حقه، فثبت أن الخطاب بفروع الشرائع لا يظهر أثره في الأحكام الدنيوية في حق الكافر، وحجة الشافعي: أن فيروز الديلمي أسلم على ثمان نسوة، فقال عليه الصلاة والسلام: " اختر أربعا وفارق سائرهن " خيره بينهن، وذلك ينافي ما ذكرتم من الترتيب والله أعلم.
المسألة الخامسة: قوله تعالى: * (إلا ما قد سلف) * فيه الاشكال المشهور: وهو أن تقدير الآية حرمت عليكم أمهاتكم وكذا وكذا الا ما قد سلف، وهذا يقتضي استثناء الماضي من المستقبل، وإنه لا يجوز، وجوابه بالوجوه المذكورة في قوله: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد ما سلف) * والمعنى أن ما مضى بدليل قوله: * (ان الله كان غفورا رحيما) *؟
النوع الرابع: عشر من المحرمات.
قوله تعالى: * (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم) *.
فيه مسائل:
المسألة الأولى: الاحصان في اللغة المنع، وكذلك الحصانة، يقال: مدينة حصينة ودرع حصينة، أي مانعة صاحبها من الجراحة. قال تعالى: * (وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم) * (الأنبياء: 80) معناه لتمنعكم وتحرزكم، والحصن الموضع الحصين لمنعه من يريده بالسوء، والحصان بالكسر الفرس