النوع الخامس: قوله: * (واليتامى) * واعلم أن اليتيم مخصوص بنوعين من العجز: أحدهما: الصغر، والثاني: عدم المنفق، ولا شك أن من هذا حاله كان في غاية العجز واستحقاق الرحمة. قال ابن عباس: يرفق بهم ويربيهم ويمسح رأسهم، وإن كان وصيا لهم فليبالغ في حفظ أموالهم.
النوع السادس: قوله: * (والمساكين) * واعلم أنه وان كان عديم المال إلا أنه لكبره يمكنه أن يعرض حال نفسه على الغير، فيجلب به نفعا أو يدفع به ضررا، وأما اليتيم فلا قدرة له عليه، فلهذا المعنى قدم الله اليتيم في الذكر على المسكين، والاحسان إلى المسكين اما بالاجمال إليه، أو بالرد الجميل. كما قال تعالى: * (وأما السائل فلا تنهر) * (الضحى: 9).
النوع السابع: قوله: * (والجار ذي القربى) * قيل: هو الذي قرب جواره، والجار الجنب هو الذي بعد جواره. قال عليه الصلاة والسلام: " لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه ألا وان الجوار أربعون دارا " وكان الزهري يقول: أربعون يمنة، وأربعون يسرة، وأربعون أماما وأربعون خلفا. وعن أبي هريرة قيل: يا رسول الله ان فلانة تصوم النهار وتصلي الليل وفي لسانها شيء يؤذي جيرانها، أي هي سليطة، فقال عليه الصلاة والسلام: " لا خير فيها هي في النار " وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفس محمد بيده لا يؤدي حق الجار إلا من رحم الله وقليل ما هم أتدرون ما حق الجار ان افتقر أغنيته وان استقرض أقرضته وان أصابه خير هنأته وان أصابه شر عزيته وان مرض عدته وان مات شيعت جنازته " وقال آخرون: عني بالجار ذي القربى: القريب النسيب، وبالجار الجنب: الجار الأجنبي، وقرئ (والجار ذا القربى) نصبا على الاختصاص، كما قرىء (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) (البقرة: 238) تنبيها على عظم حقه، لأنه اجتمع فيه موجبان. الجوار والقرابة.
النوع الثامن: قوله: * (والجار الجنب) * وقد ذكرنا تفسيره. قال الواحدي: الجنب نعت على وزن فعل، وأصله من الجنابة ضد القرابة وهو البعيد. يقال: رجل جنب إذا كان غريبا متباعدا عن أهله، ورجل أجنبي وهو البعيد منك في القرابة. وقال تعالى: * (واجنبني وبني) * (إبراهيم: 35) أي بعدني، والجانبان الناحيتان لبعد كل واحد منهما عن الآخر، ومنه الجنابة من الجماع لتباعده عن الطهارة وعن حضور المساجد للصلاة ما لم يغتسل، ومنه أيضا الجنبان لبعد كل واحد منهما عن الآخر. وروى المفضل عن عاصم: * (والجار الجنب) * بفتح الجيم وسكون النون وهو يحتمل معنيين: أحدهما: أنه يريد بالجنب الناحية، ويكون التقدير: والجار ذي الجنب فحذف المضاف، لأن المعنى مفهوم والآخر: أن يكون وصفا على سبيل المبالغة، كما يقال: فلان كرم وجود.
النوع التاسع: قوله: * (والصاحب بالجنب) * وهو الذي صحبك بأن حصل بجنبك إما رفيقا في