ثقفتموهم) *.
والمعنى: فان لم يعتزلوا قتالكم ولم يطلبوا الصلح منكم ولم يكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم. قال الأكثرون: وهذا يدل على أنهم إذا اعتزلوا قتالنا وطلبوا الصلح منا وكفوا أيديهم عن إيذائنا لم يجز لنا قتالهم ولا قتلهم، ونظيره قوله تعالى: * (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم) * (الممتحنة: 8) وقوله: * (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم) * (البقرة: 190) فخص الأمر بالقتال لمن يقاتلنا دون من لم يقاتلنا. واعلم أن هذا الكلام مبني على أن المعلق بكلمة " إن " على الشرط عدم عند عدم الشرط، وقد شرحنا الحال فيه في قوله تعالى: * (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه) * (النساء: 31).
ثم قال: * (وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا) *.
وفي السلطان المبين وجهان: الأول: أنه ظهر على جواز قتل هؤلاء حجة واضحة ظاهرة، وهي ظهور عداوتهم وانكشاف حالهم في الكفر والغدر، وإضرارهم بأهل الاسلام. الثاني: أن السلطان المبين هو إذن الله تعالى للمسلمين في قتل هؤلاء الكفار.
قوله تعالى * (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما) *.
اعلم أنه تعالى لما رغب في مقاتلة الكفار، وحرض عليها ذكر بعد ذلك بعض ما يتعلق بهذه المحاربة، فمنها أنه تعالى لما أذن في قتل الكفار فلا شك أنه قد يتفق أن يرى الرجل رجلا يظنه كافرا حربيا