شركا، قالوا: تعالوا فلنجحد فيقولون: والله ربنا ما كنا مشركين، وجاء أن يغفر الله لهم، فحينئذ يختم على أفواههم وتتكلم أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يعملون، فهنالك يودون أنهم كانوا ترابا ولم يكتموا الله حديثا.
الطريق الثاني في التأويل: أن هذا الكلام مستأنف، فان ما عملوه ظاهر عند الله، فكيف يقدرون على كتمانه؟
المسألة الخامسة: فان قيل: كيف الجمع بين هذه الآية وبين قوله: * (والله ربنا ما كنا مشركين) * (الأنعام: 23).
والجواب من وجوه: الأول: أن مواطن القيامة كثيرة، فموطن لا يتكلمون فيه وهو قوله: * (فلا تسمع إلا همسا) * (طه: 108) وموطن يتكلمون فيه كقوله: * (ما كنا نعمل من سوء) * (النحل: 28) وقولهم: * (والله ربنا ما كنا مشركين) * فيكذبون في مواطن، وفي مواطن يعترفون على أنفسهم بالكفر ويسألون الرجعة وهو قولهم: * (يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا) * (الأنعام: 27) وآخر تلك المواطن أن يختم على أفواههم وتتكلم أيديهم وأرجلهم وجلودهم، فنعوذ بالله من خزي ذلك اليوم. الثاني: أن هذا الكتمان غير واقع، بل هو داخل في التمني على ما بينا. الثالث: أنهم لم يقصدوا الكتمان، وإنما أخبروا على حسب ما توهموا، وتقديره: والله ما كنا مشركين عند أنفسنا، بل مصيبين في ظنوننا حتى تحققنا الآن. وسيجئ الكلام في هذه المسألة في سورة الأنعام إن شاء الله تعالى. النوع العاشر: من التكاليف المذكورة في هذه السورة.
* (يا أيها الذين ءامنوا لا تقربوا الصلوة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابرى سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جآء أحد منكم من الغآئط أو لامستم النسآء فلم تجدوا مآء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا) *.
في الآية مسائل:
المسألة الأولى: ذكروا في سبب النزول وجهين: الأول: أن جماعة من أفاضل الصحابة صنع لهم عبد الرحمن بن عوف طعاما وشرابا حين كانت الخمر مباحة فأكلوا وشربوا، فلما ثلموا جاء وقت صلاة المغرب فقدموا أحدهم ليصلي بهم. فقرأ: أعبد ما تعبدون وأنتم عابدون ما أعبد، فنزلت هذه الآية، فكانوا لا يشربون في أوقات الصلوات، فإذا صلوا العشاء شربوها، فلا يصبحون إلا وقد