المسألة الأولى: بين في الآية الأولى رغبة المنافقين في التحاكم إلى الطاغوت، وبين بهذه الآية نفرتهم عن التحاكم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. قال المفسرون: إنما صد المنافقون عن حكم الرسول عليه الصلاة والسلام لأنهم كانوا ظالمين؛ وعلموا أنه لا يأخذ الرشا وانه لا يحكم إلا بمر الحكم، وقيل: كان ذلك الصد لعداوتهم في الدين.
المسألة الثانية: يصدون عنك صدودا، أي يعرضون عنك، وذكر المصدر للتأكيد والمبالغة كأنه قيل: صدودا أي صدود.
قوله تعالى * (فكيف إذآ أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جآءوك يحلفون بالله إن أردنآ إلا إحسانا وتوفيقا * أولئك الذين يعلم الله ما فى قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم فى أنفسهم قولا بليغا) *.
وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أن في اتصال هذه الآية بما قبلها وجهين: الأول: أن قوله: * (فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم) * كلام وقع في البين، وما قبل هذه الآية متصل بما بعدها هكذا: وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ثم جاؤوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا، يعني أنهم في أول الأمر يصدون عنك أشد الصدود، ثم بعد ذلك يجيئونك ويحلفون بالله كذبا على أنهم ما أرادوا بذلك الصد إلا الاحسان والتوفيق، وعلى هذا التقدير يكون النظم متصلا، وتلك الآية وقعت في البين كالكلام الأجنبي، وهذا يسمى اعتراضا، وهو كقول الشاعر: إن الثمانين وبلغتها قد أحوجت سمعي إلى ترجمان فقوله: وبلغتها، كلام أجنبي وقع في البين، إلا أن هذا الكلام الأجنبي شرطه أن يكون له من بعض الوجوه تعلق بذلك المقصود كما في هذا البيت، فان قوله: بلغتها دعاء للمخاطب وتلطف في