في هذه الآية. الثاني: لو أوصى لنساء فلان، لا تدخل هذه الزانية فيهن، وكذلك لو حلف على نساء بني فلان، لا يحصل الحنث والبر بهذه الزانية، فثبت ضعف هذا الاستدلال والله أعلم.
النوع الثاني عشر: من المحرمات.
قوله تعالى: * (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قال الشافعي رحمه الله: لا يجوز للأب أن يتزوج بجارية ابنه، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: إنه يجوز، احتج الشافعي فقال: جارية الابن حليلة، وحليلة الابن محرمة على الأب، أما المقدمة الأولى فبيانها بالبحث عن الحليلة فنقول: الحليلة فعيلة فتكون بمعنى الفاعل أو بمعنى المفعول، ففيه وجهان: أحدهما: أن يكون مأخوذا من الحل الذي هو الإباحة، فالحليلة تكون بمعنى المحلة أي المحللة، ولا شك أن الجارية كذلك فوجب كونها حليلة له. الثاني: أن يكون ذلك مأخوذا من الحلول، فالحليلة عبارة عن شيء يكون محل الحلول، ولا شك أن الجارية موضع حلول السيد، فكانت حليلة له، أما إذا قلنا: الحليلة بمعنى الفاعل ففيه وجهان أيضا: الأول: أنها لشدة اتصال كل واحد منهما بالآخر كأنهما يحلان في ثوب واحد وفي لحاف واحد وفي منزل واحد ولا شك أن الجارية كذلك. الثاني: ان كل واحد منهما كأنه حال في قلب صاحبه وفي روحه لشدة ما بينهما من المحبة والألفة، فثبت بمجموع ما ذكرناه أن جارية الابن حليلة، وأما المقدمة الثانية وهي أن حليلة الابن محرمة على الأب لقوله تعالى: * (وحلائل أبنائكم الذين) * لا يقال: إن أهل اللغة يقولون: حليلة الرجل زوجته لأنا نقول: إنا قد بينا بهذه الوجوه الأربعة من الاشتقاقات الظاهرة أن لفظ الحليلة يتناول الجارية، فالنقل الذي ذكرتموه لا يلتفت إليه. فكيف وهو شهادة على النفي؟ فانا لا ننكر أن لفظ الحليلة يتناول الزوجة، ولكنا نفسره بمعنى يتناول الزوجة والجارية، فقول من يقول: إنه ليس كذلك شهادة على النفي ولا يلتفت إليه.
المسألة الثانية: قوله: * (الذين من أصلابكم) * احترازا عن المتبني، وكان المتبني في صدر الاسلام بمنزلة الابن، ولا يحرم على الانسان حليلة من ادعاه ابنا إذا لم يكن من صلبه، نكح الرسول صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش الأسدية وهي بنت أميمة بنت عبد المطلب، وكانت زينب ابنة عمة النبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن كانت زوجة زيد بن حارثة، فقال المشركون: إنه تزوج امرأة ابنه فأنزل الله تعالى: * (وما جعل أدعياءكم أبناءكم) * (الأحزاب: 4) وقال: * (لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم) * (الأحزاب: 37).