وإن كان في الجاهلية. روى البراء: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا بردة إلى رجل عرس بامرأة أبيه ليقتله ويأخذ ماله.
المسألة الرابعة: الضمير في قوله تعالى: * (إنه) * إلى ماذا يعود؟ فيه وجهان: الأول: أنه راجع إلى هذا النكاح قبل النهي، أعلم الله تعالى أن هذا الذي حرمه عليهم كان لم يزل منكرا في قلوبهم ممقوتا عندهم، وكانت العرب تقول لولد الرجل من امرأة أبيه: مقتى، وذلك لأن زوجة الأب تشبه الأم، وكان نكاح الأمهات من أقبح الأشياء عند العرب، فلما كان هذا النكاح يشبه ذلك، لا جرم كان مستقبحا عندهم، فبين الله تعالى أن هذا النكاح أبدا كان ممقوتا وقبيحا، الثاني: أن هذا الضمير راجع إلى هذا النكاح بعد النهي، فبين الله تعالى أنه كان فاحشة في الاسلام ومقتا عند الله، وإنما قال: * (كان) * لبيان أنه كان في حكم الله وفي علمه موصوفا بهذا الوصف.
المسألة الخامسة: أنه تعالى وصفه بأمور ثلاثة: أولها: أنه فاحشة، وإنما وصف هذا النكاح بأنه فاحشة لما بينا أن زوجة الأب تشبه الأم فكانت مباشرتها من أفحش الفواحش، وثانيها: المقت: وهو عبارة عن بغض مقرون باستحقار، حصل ذلك بسبب أمر قبيح ارتكبه صاحبه، وهو من الله في حق العبد يدل على غاية الخزي والخسار. وثالثها: قوله: * (وساء سبيلا) * قال الليث: " ساء " فعل لازم وفاعله مضمر و " سبيلا " منصوب تفسيرا لذلك الفاعل، كما قال: * (وحسن أولئك رفيقا) * (النساء: 69) واعلم أن مراتب القبح ثلاثة: القبح في العقول، وفي الشرائع وفي العادات، فقوله: * (انه كان فاحشة) * إشارة إلى القبح العقلي، وقوله: * (ومقتا) * إشارة إلى القبح الشرعي، وقوله: * (وساء سبيلا) * إشارة إلى القبح في العرف والعادة، ومتى اجتمعت فيه هذه الوجوه فقد بلغ الغاية في القبح والله أعلم.
النوع السادس: من التكاليف المتعلقة بالنساء المذكورة في هذه الآيات.
قوله تعالى: * (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت) *.
اعلم أنه تعالى نص على تحريم أربعة عشر صنفا من النسوان: سبعة منهن من جهة النسب، وهن الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت. وسبعة