والاستكشاف فالظاهر أنه لا يقع فيه، ومن رمى إلى صيد فأخطأ وأصاب أنسانا فلو احتاط فلا يرمي إلا في موضع يقطع بأنه ليس هناك إنسان فإنه لا يقع في تلك الواقعة، فقوله: * (توبة من الله) * تنبيه على أنه كان مقصرا في ترك الاحتياط.
الوجه الثاني في الجواب: أن قوله: * (توبة من الله) * راجع إلى أنه تعالى أذن له في إقامة الصوم مقام الاعتاق عند العجز عنه، وذلك لأن الله تعالى إذا تاب على المذنب فقد خفف عنه، فلما كان التخفيف من لوازم التوبة أطلق لفظ التوبة لإرادة التخفيف إطلاقا لاسم الملزوم على اللازم.
الوجه الثالث في الجواب: أن المؤمن إذا اتفق له مثل هذا الخطأ فإنه يندم ويتمنى أن لا يكون ذلك مما وقع فسمى الله تعالى ذلك الندم وذلك التمني توبة.
ثم قال تعالى: * (وكان الله عليما حكيما) * والمعنى أنه تعالى عليم بأنه لم يقصد ولم يتعمد حكيم في أنه ما يؤاخذه بذلك الفعل الخطأ، فان الحكمة تقتضي أن لا يؤاخذ الانسان إلا بما يختار ويتعمد.
واعلم أن أهل السنة لما اعتقدوا أن أفعال الله تعالى غير معللة برعاية المصالح قالوا: معنى كونه تعالى حكيما كونه عالما بعواقب الأمور. وقالت المعتزلة: هذه الآية تبطل هذا القول لأنه تعالى عطف الحكيم على العليم، فلو كان الحكيم هو العليم لكان هذا عطفا للشيء على نفسه وهو محال.
والجواب: أن في كل موضع من القرآن ورد فيه لفظ الحكيم معطوفا على العليم كان المراد من الحكيم كونه محكما في أفعاله، فالأحكام والاعلام عائدان إلى كيفية الفعل والله أعلم.
قوله تعالى * (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزآؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) *.
اعلم أنه تعالى لما ذكر حكم القتل الخطأ ذكر بعده بيان حكم القتل العمد، وله أحكام مثل وجوب القصاص والدية، وقد ذكر تعالى ذلك في سورة البقرة وهو قوله: * (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى) * (البقرة: 178) فلا جرم ههنا اقتصر على بيان ما فيه من الاثم والوعيد، وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: استدلت الوعيدية بهذه الآية على أمرين: أحدهما: على القطع بوعيد الفساق. والثاني: على خلودهم في النار، ووجه الاستدلال أن كلمة " من " في معرض الشرط