في الأجرة كانت المرأة بالخيار، ان شاءت فعلت، وان شاءت لم تفعل، فهذا هو المراد من قوله: * (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) * أي من بعد المقدار المذكور أولا من الأجر والأجل.
المسألة الثانية: قال أبو حنيفة رضي الله عنه: إلحاق الزيادة في الصداق جائز، وهي ثابتة ان دخل بها أو مات عنها، أما إذا طلقها قبل الدخول بطلت الزيادة، وكان لها نصف المسمى في العقد. وقال الشافعي رحمة الله عليه: الزيادة بمنزلة الهبة، فان أقبضها ملكته بالقبض، وان لم يقبضها بطلت. احتج أبو بكر الرازي لأبي حنيفة بهذه الآية فقوله: * (لا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) * يتناول ما وقع التراضي به في طرفي الزيادة والنقصان، فكان هذا بعمومه يدل على جواز إلحاق الزيادة بالصداق، قال: بل هذه الآية بالزيادة أخص منها بالنقصان؛ لأنه تعالى علقه بتراضيهما، والبراءة والحط لا يحتاج إلى رضا الزوج، والزيادة لا تصح إلا بقبوله، فإذا علق ذلك بتراضيهما جميعا دل على أن المراد هو الزيادة.
والجواب: لم لا يجوز أن تكون الزيادة عبارة عما ذكره الزجاج؟ وهو أنه إذا طلقها قبل الدخول، فان شاءت المرأة أبرأته عن النصف، وان شاء الزوج سلم إليها كل المهر، وبهذا التقدير يكون قد زادها عما وجب عليه تسليمه إليها، وأيضا عندنا أنه لا جناح في تلك الزيادة إلا أنها تكون هبة. والدليل القاطع على بطلان هذه الزيادة أن هذه الزيادة لو التحقت بالأصل لكان إما مع بقاء العقد الأول، أو بعد زوال العقد، والأول باطل، لأن العقد لما انعقد على القدر الأول، فلو انعقد مرة أخرى على القدر الثاني، لكان ذلك تكوينا لذلك العقد بعد ثبوته، وذلك يقتضى تحصيل الحاصل وهو محال. والثاني باطل لانعقاد الاجماع على أن عند إلحاق الزيادة لا يرتفع العقد الأول، فثبت فساد ما قالوه والله أعلم. ثم إنه تعالى لما ذكر في هذه الآية أنواعا كثيرة من التكاليف والتحريم والاحلال، بين أنه عليم بجميع المعلومات لا يخفى عليه منها خافية أصلا، وحكيم لا يشرع الأحكام إلا على وفق الحكمة، وذلك يوجب التسليم لأوامره والانقياد لأحكامه والله أعلم.
النوع السابع: من التكاليف المذكورة في هذه السورة.
* (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من