المسلمون، قاله الضحاك.
والثالث: أنهم كانوا ينظرون إلى الخشبة في منازلهم، أو العمود، أو الباب، فيستحسنونه، فيهدمون البيوت، وينزعون ذلك منها، ويحملونه معهم، ويخرب المؤمنون باقيها، قاله الأزهري.
والرابع: أنهم كانوا يخربونها لئلا يسكنها المؤمنون، حسدا منهم، وبغيا، قاله ابن زيد.
قوله [عز وجل]: (فاعتبروا يا أولي الأبصار) الاعتبار: النظر في الأمور، ليعرف بها شيء آخر من جنسها، و " الأبصار " العقول. والمعنى: تدبروا ما نزل بهم (ولولا أن كتب الله) أي: قضى (عليهم الجلاء) وهو خروجهم من أوطانهم. وذكر الماوردي بين الإخراج والجلاء فرقين.
أحدهما: أن الجلاء: ما كان [مع] الأهل والولد، والإخراج: قد يكون مع بقاء الأهل والولد.
والثاني: أن الجلاء لا يكون إلا لجماعة. والإخراج: قد يكون لواحد ولجماعة والمعنى: لولا أن الله قضى عليهم بالخروج (لعذبهم في الدنيا) بالقتل والسبي، كما فعل بقريظة (ولهم في الآخرة) مع [ما حل بهم] في الدنيا (عذاب النار، ذلك) الذي أصابهم (بأنهم شاقوا الله) وقد سبق بيان الآية. قال القاضي أبو يعلى: فقد دلت هذه الآية على جواز مصالحة أهل الحرب على الجلاء من ديارهم من غير سبي ولا استرقاق، ولا جزية، ولا دخول في ذمة، وهذا حكم منسوخ إذا كان في المسلمين قوة على قتالهم، لأن الله تعالى أمر بقتال الكفار حتى يسلموا، أو يؤدوا الجزية. وإنما يجوز هذا الحكم إذا عجز المسلمون عن مقاومتهم فلم يقدروا على إدخالهم في الإسلام أو الذمة، فيجوز لهم حينئذ مصالحتهم على الجلاء من بلادهم.
وفي هذه القصة دلالة على جواز مصالحتهم على مجهول من المال، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صالحهم على أرضهم، وعلى الحلقة، وترك لهم ما أقلت الإبل، وذلك مجهول.