قوله تعالى: (أفتمارونه) وقرأ حمزة، والكسائي، والمفضل، وخلف، ويعقوب: " أفتمرونه ".
قال ابن قتيبة: معنى " أفتمارونه ": أفتجادلونه، من المراء، ومعنى " أفتمرونه ": أفتجحدونه.
قوله تعالى: (ولقد رآه نزلة أخرى) قال الزجاج: أي رآه مرة أخرى. قال ابن عباس: رأى محمد ربه، وبيان هذا أنه تردد لأجل الصلوات مرارا، فرأى ربه في بعض تلك المرات مرة أخرى.
قال كعب: إن الله تعالى قسم كلامه ورؤيته بين محمد وموسى، فرآه محمد مرتين، وكلمه موسى مرتين. وقد روي عن ابن مسعود أن هذه الرؤية لجبريل أيضا رآه على صورته التي خلق عليها.
فأما سدرة المنتهى. فالسدرة: شجرة النبق، وقد صح في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" نبقها مثل قلال هجر، وورقها مثل آذان الفيلة ". وفي مكانها قولان:
أحدهما: أنها فوق السماء السابعة، وهذا مذكور في " الصحيحين " من حديث مالك بن صعصعة. قال مقاتل: وهي عن يمين العرش.
والثاني: أنها في السماء السادسة، أخرجه مسلم في أفراده عن ابن مسعود وبه قال الضحاك.
قال المفسرون: وإنما سميت سدرة المنتهى، لأنه إليها منتهى ما يصعد به من الأرض، فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، وإليها ينتهي علم جميع الملائكة.
قوله تعالى: (عندها) وقرأ معاذ القارئ وابن يعمر: وأبو نهيك: " عنده " بهاء مرفوعة على ضمير مذكر (جنة المأوى) قال ابن عباس: هي جنة يأوي إليها جبريل والملائكة. وقال الحسن:
هي التي يصير إليها أهل الجنة. وقال مقاتل: هي جنة إليها تأوي أرواح الشهداء. وقرأ سعيد بن المسيب، والشعبي، وأبو المتوكل، وأبو الجوزاء، وأبو العالية: " جنة المأوى " بهاء صحيحة مرفوعة. قال ثعلب: يريدون أجنه، وهي شاذة. وقيل: معنى " عندها " أدركه المبيت يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: (إذ يغشى السدرة ما يغشى) روى مسلم في أفراده من حديث ابن مسعود قال:
غشيها فراش من ذهب. وفي حديث مالك بن صعصعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لما غشيها من أمر الله ما غشيها، تغيرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن يصفها من حسنها " وقال الحسن. ومقاتل:
تغشاها الملائكة أمثال الغربان حين يقعن على الشجرة. وقال الضحاك: [غشيها] نور رب العالمين.
قوله تعالى: (ما زاغ البصر) أي: ما عدل بصر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينا ولا شمالا (وما طغى) أي: ما زاد ولا جاوز ما رأى: وهذا وصف أدبه صلى الله عليه وسلم في ذلك المقام.
(لقد رأى من آيات ربه الكبرى) فيه قولان: أحدهما: لقد رأى من آيات ربه العظام.