وقال قتادة: بل كانت للأنصار. وقال أبو عبيدة: كانت اللات والعزى ومناة أصناما من حجارة في جوف الكعبة يعبدونها. وقرأ ابن كثر: ومناءة " ممدودة مهموزة.
فأما قوله: (الثالثة) فإنه نعت ل " مناة "، هي ثالثة الصنمين في الذكر، و " الأخرى " نعت لها.
قال الثعلبي: العرب لا تقول للثالثة: الأخرى، وإنما الأخرى نعت للثانية، فيكون في المعنى وجهان:
أحدهما: أن ذلك لوفاق رؤوس الآي، كقوله (مآرب أخرى) ولم يقل، أخر، قاله الخليل.
والثاني: أن في الآية تقديما وتأخيرا تقديره: أفرأيتم اللات والعزى الأخرى ومناة الثالثة، قاله الحسين بن الفضل.
قوله تعالى: (ألكم الذكر) قال ابن السائب: إن مشركي قريش قالوا للأصنام والملائكة:
بنات الله، وكان الرجل منهم إذا بشر بالأنثى كره، فقال الله تعالى منكرا عليهم: (ألكم الذكر وله الأنثى)؟ يعني الأصنام وهي إناث في أسمائها.
(تلك إذا قسمة ضيزى) قرأ عاصم، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي:
" ضيزى " بكسر الضاد من غير همز، وافقهم ابن كثير في كسر الضاد، لكنه همز. وقرأ أبي بن كعب، ومعاذ القارئ: " ضيزى " بفتح الضاد من غير همز. قال الزجاج: الضيزى في كلام العرب:
الناقصة الجائرة، يقال: ضازه يضيزه: إذا نقصه حقه، ويقال: ضأزه يضأزه بالهمز. وأجمع النحويون أن أصل ضيزى: ضوزى، وحجتهم أنها نقلت من " فعلى " من ضوزى إلى ضيزى، لتسلم الياء، كما قالوا: أبيض وبيض، وأصله: بوض، فنقلت الضمة إلى الكسرة. وقرأت على بعض العلماء باللغة: في " ضيزى " لغات، يقال: ضيزى، وضوزى، وضؤزى، وضأزى على " فعلى " مفتوحة، ولا يجوز في القرآن إلا " ضيزى " بياء غير مهموزة، وإنما لم يقل النحويون: إنها على أصلها لأنهم لا يعرفون في الكلام " فعلى " صفة، إنما يعرفون الصفات على " فعلى " بالفتح، نحو سكرى وغضبى، أو بالضم، نحو حبلى وفضلي.
قوله تعالى: (إن هي) يعني الأوثان (إلا أسماء) والمعنى: إن هذه الأوثان التي سموها بهذه الأسامي لا معنى تحتها، لأنها لا تضر ولا تنفع، فهي تسميات ألقيت على جمادات، (ما أنزل الله بها من سلطان) أي: لم ينزل كتابا فيه حجة بما يقولون: إنها آلهة. ثم رجع إلى الإخبار عنهم بعد الخطاب لهم فقال: (إن يتبعون) في أنها آلهة، (إلا الظن وما تهوى الأنفس) وهو ما زين لهم