الفتل. قال المفسرون: وكان من قوته أنه قلع قريات لوط وحملها على جناحه فقلبها، وصاح بثمود فأصبحوا خامدين.
قوله تعالى: (فاستوى، وهو بالأفق الأعلى) فيه قولان:
أحدهما: فاستوى جبريل، وهو يعني النبي صلى الله عليه وسلم، والمعنى أنهما استويا بالأفق الأعلى لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله الفراء.
والثاني: فاستوى جبريل، هو - يعني جبريل - بالأفق الأعلى على صورته الحقيقية، لأنه كان يتمثل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هبط عليه بالوحي في صورة رجل، وأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراه على حقيقته، فاستوى في أفق المشرق، فملأ الأفق، فيكون المعنى: فاستوى جبريل بالأفق الأعلى في صورته، هذا قول الزجاج. قال مجاهد: والأفق الأعلى: هو مطلع الشمس. وقال غيره: إنما قيل له: " الأعلى " لأنه فوق جانب المغرب في صعيد الأرض لا في الهواء.
قوله تعال: (ثم دنا فتدلى) قال الفراء: المعنى: ثم تدلى فدنا، ولكنه جائز أن تقدم أي الفعلين شئت إذا كان المعنى فيهما واحدا، فتقول: قد دنا فقرب، وقرب فدنا، وشتم فأساء، وأساء فشتم، ومنه قوله: (اقتربت الساعة وانشق القمر)، المعنى - والله أعلم -: انشق القمر واقتربت الساعة. قال ابن قتيبة: المعنى: تدلى فدنا، لأنه تدلى للدنو، ودنا بالتدلي، وقال الزجاج: دنا بمعنى قرب، وتدلى: زاد في القرب، ومعنى اللفظتين واحد. وقال غيرهم: أصل التدلي: النزول إلى الشيء حتى يقرب منه، فوضع موضع القرب. وفي المشار إليه بقوله: " ثم دنا " ثلاثة أقوال:
أحدها، أنه الله عز وجل. روى البخاري ومسلم في " الصحيحين " من حديث شريك بن أبي نمر عن أنس بن مالك قال: دنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى. وروى أبو سلمة عن ابن عباس: " ثم دنا " قال: دنا ربه فتدلى، وهذا اختيار مقاتل. قال: دنا الرب من محمد ليلة أسري به، فكان منه قاب قوسين أو أدنى. وقد كشفت هذا الوجه في كتاب " المغني " وبينت أنه ليس كما يخطر بالبال من قرب الأجسام وقطع المسافة، لأن ذلك يختص بالأجسام، والله منزه عن ذلك.
والثاني: أنه محمد دنا من ربه، قاله ابن عباس. والقرظي.