والثالث: أنه جبريل. ثم في الكلام قولان:
أحدهما: دنا جبريل بعد استوائه بالأفق الأعلى من الأرض، فنزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله الحسن، وقتادة.
والثاني: دنا جبريل من ربه عز وجل فكان منه قاب قوسين أو أدنى، قاله مجاهد.
قوله تعالى: (فكان قاب قوسين أو أدنى) وقرأ ابن مسعود، وأبو رزين: " فكان قاد قوسين " بالدال. وقال أبو عبيدة: ألقاب والقاد: القدر. وقال ابن فارس: ألقاب: القدر. ويقال: بل ألقاب:
ما بين المقبض والسية، ولكل قوس قابان. وقال ابن قتيبة: سية القوس: ما عطف من طرفيها.
وفي المراد بالقوسين قولان:
أحدهما: أنها القوس التي يرمى بها، قاله ابن عباس، واختاره ابن قتيبة، فقال: قدر قوسين، وقال الكسائي: أراد بالقوسين: قوسا واحد.
والثاني: أن القوس: الذراع: فالمعنى: كان بينهما قدر ذراعين، حكاه ابن قتيبة، وهو قول ابن مسعود، وسعيد بن جبير، والسدي. قال ابن مسعود: دنا جبريل منه حتى كان قدر ذراع أو ذراعين.
قوله تعالى: (أو أدنى) فيه قولان:
أحدهما: أنها بمعنى " بل "، قاله مقاتل. والثاني: أنهم خوطبوا على لغتهم، والمعنى: كان على ما تقدرونه أنتم قدر قوسين أو أقل، وهذا اختيار الزجاج.
قوله تعالى: (فأوحى إلى عبده ما أوحى) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أوحى الله إلى محمد كفاحا بلا واسطة، وهذا على قول من يقول: إنه كان في ليلة المعراج.
والثاني: أوحى جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما أوحى الله إليه، رواه عطاء عن ابن عباس.
والثالث: أوحى الله إلى جبريل ما يوحيه، روي عن عائشة رضي الله عنها، والحسن، وقتادة.
قوله تعالى: (ما كذب الفؤاد ما رأى) قرأ أبو جعفر، وهشام عن ابن عامر، وأبان عن عاصم: " ما كذب " بتشديد الذال، وقرأ الباقون بالتخفيف. فمن شدد أراد: ما أنكر فؤاده ما رأته عينه، ومن خفف أراد: ما أوهمه فؤاده أنه رأى، ولم ير، بل صدق الفؤاد رؤيته. وفي الذي رأى قولان:
أحدهما: أنه رأى ربه عز وجل، قاله ابن عباس، وأنس والحسن، وعكرمة.
والثاني: أنه رأى جبريل في صورته التي خلق عليها، قاله ابن مسعود وعائشة.