والرفث المذكور هو الجماع لا خلاف بين أهل العلم فيه. واسم الرفث يقع على الجماع وعلى الكلام الفاحش وهو الجماع لا خلاف بين أهل العلم فيه. واسم الرفث يقع عن الجماع وعلى الكلام الفاحش ويكنى به عن الجماع، قال ابن عباس في قوله: (فلا رفث ولا فسوق) [البقرة: 197] إنه مراجعة النساء بذكر الجماع، قال العجاج:
عن اللغا ورفث التكلم فأولى الأشياء بمعنى الآية هو الجماع نفسه، لأن رفث الكلام غير مباح، ومراجعة النساء بذكر الجماع ليس لها حكم يتعلق بالصوم لا فيما سلف ولا في المستأنف، فعلم أن المراد هو ما كان محرما عليهم من الجماع فأبيح لهم بهذه الآية ونسخ به ما تقدم من الحظر.
وقوله تعالى: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) بمعنى هن كاللباس ولكم في إباحة المباشرة وملابسة كل واحد منهما لصاحبه، قال النابغة الجعدي:
إذا ما الضجيع ثنى عطفه * إلا تثنت عليه فكانت لباسا ويحتمل أن يريد باللباس الستر، لأن اللباس هو ما يستر. وقد سمى الله تعالى الليل لباسا، لأنه يستر كل شئ يشتمل عليه بظلامه، فإن كان المعنى ذلك، فالمراد كل واحد منهما ستر صاحبه عن التخطي إلى ما يهتكه من الفواحش، ويكون كل واحد منهما متعففا بالآخر مستترا به.
وقوله تعالى: (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم) ذكر للحال التي خرج عليها الخطاب واعتداد بالنعمة علينا بالتخفيف بإباحة الجماع والأكل والشرب في ليالي الصوم واستدعاء لشكره عليها.
ومعنى قوله: (تختانون أنفسكم) أي يستأثر بعضكم بعضا في مواقعة المحظور من الجماع والأكل والشرب بعد النوم في ليالي الصوم، كقوله: (تقتلون أنفسكم) [البقرة: 85] يعني يقتل بعضكم بعضا.
ويحتمل أن يريد به كل واحد في نفسه بأنه يخونها، وسماه خائنا لنفسه من حيث كان ضرره عائدا عليه.
ويحتمل أن يريد به أنه يعمل عمل المستأثر له، فهو يعامل نفسه بعمل الخائن لها، والخيانة هي انتقاص الحق على جهة المساترة.
وقوله تعالى: (فتاب عليكم) يحتمل معنيين، أحدهما: قبول التوبة من خيانتهم لأنفسهم، والآخر: التخفيف عنكم بالرخصة والإباحة، كقوله تعالى: (علم أن لن