وذلك يقتضي استيفاء العدد، فالقائل بجواز الاقتصار على نقصان العدد مخالف لحكم الآية. ويدل على أن أهل بلد إذا صاموا تسعة وعشرين يوما أن يقضوا يوما، لقوله تعالى: (ولتكملوا العدة) وقد حصل عدة رمضان ثلاثين لأهل ذلك البلد فعلى الآخرين أن يكملوها كما كان على أولئك إكمالها، إذ كان الله لم يخصص بعضا من كل.
وأما قوله: (ولتكبروا الله على ما هداكم) فإنه روي عن ابن عباس أنه كان يقول:
(حقا على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال أن يكبروا الله حتى يفرغوا من عيدهم)، وذلك لقوله: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) وروي عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه كان يكبر يوم الفطر إذا خرج إلى المصلى وإذا قضى الصلاة قطع التكبير). وقد روي عن علي وأبي قتادة وابن عمر وسعيد بن المسيب وعروة والقاسم وخارجة بن زيد ونافع بن جبير بن مطعم وغيرهم (أنهم كانوا يكبرون يوم العيد إذا خرجوا إلى المصلى). وروى جيش بن المعتمر عن علي (أنه ركب بغلته يوم الأضحى فلم يزل يكبر حتى أتى الجبانة). وروى ابن أبي ذيب عن شعبة مولى ابن عباس قال: (كنت أقود ابن عباس إلى المصلى فيسمع الناس يكبرون فيقول: ما شأن الناس؟ أكبر الإمام، فأقول:
لا، فيقول: أمجانين الناس؟) فأنكر ابن عباس في هذا الخبر التكبير في طريق المصلى، وهذا يدل على أن المراد عنده التكبير المذكور في الآية وهو التكبير الذي يكبره الإمام في الخطبة مما يصلح أن يكبر الناس معه، وما روي عنه أنه حق على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال أن يكبروا حتى يفرغوا من عيدهم، فليس فيه دلالة على الجهر به، وجائز أن يريد به تكبيرهم في أنفسهم. وقد روي عن ابن عمر أنه كان إذا خرج يوم الفطر ويوم الأضحى يكبر ويرفع صوته حتى يجئ المصلى، وروي عن زيد بن أسلم أنه تأول ذلك على تكبير يوم الفطر.
واختلف فقهاء الأمصار في ذلك، فروى المعلى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة قال: (يكبر الذي يذهب إلى العيد يوم الأضحى ويجهر بالتكبير ولا يكبر يوم الفطر).
وقال أبو يوسف: (يكبر يوم الأضحى والفطر وليس فيه شئ موقت، لقوله تعالى:
(ولتكبروا الله على ما هداكم) وقال عمرو: سألت محمدا عن التكبير في العيدين، فقال: (نعم يكبر)، وهو قولنا. وقال الحسن بن زياد عن أبي حنيفة: (إن التكبير في العيدين ليس بواجب في الطريق ولا في المصلى، وإنما التكبير الواجب في صلاة العيد).
وذكر الطحاوي أن ابن أبي عمران كان يحكي عن أصحابنا جميعا أن السنة عندهم في يوم الفطر أن يكبروا في الطريق إلى المصلى حتى يأتوه، ولم نكن نعرف ما حكاه المعلى