عنهم. وقال الأوزاعي ومالك: (يكبر في خروجه إلى المصلى في العيدين جميعا). قال مالك: (ويكبر في المصلى إلى أن يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام قطع التكبير) ولا يكبر إذا رجع). وقال الشافعي: (أحب إظهار التكبير ليلة الفطر وليلة النحر وإذا غدوا إلى المصلى حتى يخرج الإمام)، وقال في موضع آخر: (حتى يفتح الإمام الصلاة).
قال أبو بكر: تكبير الله هو تعظيمه، وذلك يكون بثلاثة معان: عقد الضمير، والقول، والعمل، فعقد الضمير هو اعتقاد توحيد الله تعالى وعدله وصحة المعرفة به وزوال الشكوك، وأما القول فالإقرار بصفاته العلى وأسمائه الحسنى وسائر ما مدح به نفسه، وأما العمل فعبادته بما يعد به من الأعمال بالجوارح كالصلاة وسائر المفروضات، وكل ذلك غير مقبول إلا بعد تقدمة الاعتقاد له بالقلب على الحد الذي وصفنا، وأن يتحرى بجميع ذلك موافقة أمر الله كما قال عز وجل: (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا) [الإسراء: 19] فشرط بديا تحري موافقة أمر الله بذكره إرادة الآخرة، ولم يقتصر عليه حتى ذكر العمل لله وهو السعي، وعقد ذلك كله بشريطة الإيمان بقوله: (وهو مؤمن) [الإسراء: 19] ثم عقبه بذكر الوعد لمن حصلت له هذه الأعمال. نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل هذه الآية وأن يوفقنا إلى ما يؤدينا إلى مرضاته.
وإذا كان تكبير الله تعالى ينقسم إلى هذه المعاني التي ذكرنا، وقد علمنا لا محالة أن اعتقاد التوحيد والإيمان بالله ورسله شرط في سائر القرب، وذلك غير مختص بشئ من الطاعات دون غيرها، ومعلوم أيضا أن سائر المفروضات التي يتعلق وجوبها بأسباب أخر غير مبنية على صيام رمضان، ثبت أن التعظيم المذكور في هذه الآية ينبغي أن يكون متعلقا بإكمال عدة رمضان، وأولى الأشياء به إظهار لفظ التكبير، ثم جائز أن يكون تكبيرا يفعله الانسان في نفسه عند رؤية هلال شوال، وجائز أن يكون المراد ما تأوله كثير من السلف على أنه تكبير المفعول في الخروج إلى المصلى، وجائز أن يريد به تكبيرات صلاة العيد، كل ذلك يحتمله اللفظ، ولا دلالة فيه على بعض دون بعض، فأيها فعل فقد قضى عهدة الآية وفعل مقتضاها، ولا دلالة في اللفظ على وجوبه، لأن قوله تعالى الله (ولتكبروا الله) لا يقتضي الوجوب، إذ جائز أن يتناول ذلك النفل، ألا ترى أنا نكبر لله أو نعظمه بما نظهره من التكبير نفلا؟ ولا خلاف بين الفقهاء أن إظهار التكبير ليس بواجب، ومن كبر فإنما فعله استحبابا، ومع ذلك فإنه متى فعل أدنى ما يسمى تكبيرا فقد وافق مقتضى الآية. إلا أن ما روي من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن السلف من الصدر الأول والتابعين في تكبيرهم يوم الفطر في طريق المصلى، يدل على أنه مراد الآية، فالأظهر من