على الله منهم شئ لمن الملك اليوم لله الواحد القهار فأخبر تعالى أنه المنفرد يومئذ بالملك دون ملوك الدنيا الذين صاروا يوم الدين من ملكهم إلى ذلة وصغار، ومن دنياهم في المعاد إلى خسار.
وأما تأويل قراءة من قرأ: مالك يوم الدين، فما:
139 - حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عمارة، قال:
حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عباس: مالك يوم الدين يقول: لا يملك أحد في ذلك اليوم معه حكما كملكهم في الدنيا. ثم قال: لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا، وقال: وخشعت الأصوات للرحمن، وقال: ولا يشفعون إلا لمن ارتضى.
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالآية وأصح القراءتين في التلاوة عندي التأويل الأول وهي قراءة من قرأ ملك بمعنى الملك لان في الاقرار له بالانفراد بالملك إيجابا لانفراده بالملك وفضيلة زيادة الملك على المالك، إذ كان معلوما أن لا ملك إلا وهو مالك، وقد يكون المالك لا ملكا.
وبعد: فإن الله جل ذكره قد أخبر عباده في الآية التي قبل قوله: ملك يوم الدين أنه مالك جميع العالمين وسيدهم، ومصلحهم والناظر لهم، والرحيم بهم في الدنيا والآخرة بقوله: * (الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم) *.
فإذا كان جل ذكره قد أنبأهم عن ملكه إياهم كذلك بقوله: * (رب العالمين) * فأولى الصفات من صفاته جل ذكره، أن يتبع ذلك ما لم يحوه قوله: رب العالمين الرحمن الرحيم مع قرب ما بين الآيتين من المواصلة والمجاورة، إذ كانت حكمته الحكمة التي لا تشبهها حكمة.
وكان في إعادة وصفه جل ذكره بأنه مالك يوم الدين، إعادة ما قد مضى من وصفه به في قوله: رب العالمين مع تقارب الآيتين وتجاور الصفتين. وكان في إعادة ذلك تكرار ألفاظ مختلفة بمعان متفقة، لا تفيد سامع ما كرر منه فائد به إليها حاجة. والذي لم يحوه من صفاته جل ذكره ما قبل قوله: مالك يوم الدين المعنى الذي في قوله: ملك يوم