يا محمد: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وقل أيضا يا محمد:
إياك نعبد وإياك نستعين وكان عقل عن العرب أن من شأنها إذا حكت أو أمرت بحكاية خبر يتلو القول، أن تخاطب ثم تخبر عن غائب، وتخبر عن الغائب ثم تعود إلى الخطاب لما في الحكاية بالقول من معنى الغائب والمخاطب، كقولهم للرجل: قد قلت لأخيك: لو قمت لقمت، وقد قلت لأخيك: لو قام لقمت لسهل عليه مخرج ما استصعب عليه وجهته من جر: مالك يوم الدين ومن نظير مالك يوم الدين مجرورا، ثم عوده إلى الخطاب ب (إياك نعبد) لما ذكرنا قبل، البيت السائر من شعر أبي كبير الهذلي:
يا لهف نفسي كان جلدة خالد * وبياض وجهك للتراب الأعفر فرجع إلى الخطاب بقوله: وبياض وجهك، بعد ما قد قضى الخبر عن خالد على معنى الخبر عن الغائب. ومنه قول لبيد بن ربيعة:
باتت تشكي إلي النفس مجهشة * وقد حملتك سبعا بعد سبعينا فرجع إلى مخاطبة نفسه، وقد تقدم الخبر عنها على وجه الخبر عن الغائب. ومنه قول الله وهو أصدق قيل وأثبت حجة: * (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة) * فخاطب ثم رجع إلى الخبر عن الغائب، ولم يقل: وجرين بكم. والشواهد من الشعر وكلام العرب في ذلك أكثر من أن تحصى، وفيما ذكرنا كفاية لمن وفق لفهمه.
فقراءة: مالك يوم الدين محظورة غير جائزة، لاجماع جميع الحجة من القراء وعلماء الأمة على رفض القراءة بها.
القول في تأويل قوله تعالى: * (يوم الدين) *.
قال أبو جعفر: والدين في هذا الموضع بتأويل الحساب والمجازاة بالاعمال، كما قال كعب بن جعيل:
إذا ما رمونا رميناهم * ودناهم مثل ما يقرضونا