أهل غش لهم وحسد وبغي، وأنهم يتمنون لهم المكاره ويبغونهم الغوائل، ونهاهم أن ينتصحوهم، وأخبرهم أن من ارتد منهم عن دينه فاستبدل بإيمانه كفرا فقد أخطأ قصد السبيل.
القول في تأويل قوله تعالى: فقد ضل سواء السبيل.
أما قوله: فقد ضل فإنه يعني به ذهب وحاد. وأصل الضلال عن الشئ: الذهاب عند والحيد. ثم يستعمل في الشئ الهالك والشئ الذي لا يؤبه له، كقولهم للرجل الخامل الذي لا ذكر له ولا نباهة: ضل بن ضل، وقل بن قل كقول الأخطل في الشئ الهالك:
كنت القذى في موج أكدر مزبد * قذف الآتي به فضل ضلالا يعني: هلك فذهب. والذي عنى الله تعالى ذكره بقوله: فقد ضل سواء السبيل فقد ذهب عن سواء السبيل وحاد عنه.
وأما تأويل قوله: سواء السبيل فإنه يعني بالسواء: القصد والمنهج، وأصل السواء: الوسط ذكر عن عيسى بن عمر النحوي أنه قال: ما زلت أكتب حتى انقطع سوائي، يعني وسطي. وقال حسان بن ثابت:
يا ويح أنصار النبي ونسله * بعد المغيب في سواء الملحد يعني بالسواء الوسط. والعرب تقول: هو في سواء السبيل، يعني في مستوى السبيل. وسواء الأرض مستواها عندهم، وأما السبيل فإنها الطريق المسبول، صرف من مسبول إلى سبيل.