يعني: بل كل إلي حبيب.
وقد كان بعضهم يقول منكرا قول من زعم أن أم في قوله: أم تريدون استفهام مستقبل منقطع من الكلام يميل بها إلى أوله أن الأول خبر والثاني استفهام، والاستفهام لا يكون في الخبر، والخبر لا يكون في الاستفهام ولكن أدركه الشك بزعمه بعد مضي الخبر، فاستفهم.
فإذا كان معنى أم ما وصفنا، فتأويل الكلام: أتريدون أيها القوم أن تسألوا رسولكم من الأشياء نظير ما سأل قوم موسى من قبلكم، فتكفروا إن منعتموه في مسألتكم ما لا يجوز في حكمة الله إعطاؤكموه، أو أن تهلكوا، إن كان مما يجوز في حكمته عطاؤكموه فأعطاكموه ثم كفرتم من بعد ذلك، كما هلك من كان قبلكم من الأمم التي سألت أنبياءها ما لم يكن لها مسألتها إياهم، فلما أعطيت كفرت، فعوجلت بالعقوبات لكفرها بعد إعطاء الله إياها سؤلها.
القول في تأويل قوله تعالى: ومن يتبدل الكفر بالايمان.
يعني جل ثناؤه بقوله: ومن يتبدل ومن يستبدل الكفر ويعني بالكفر: الجحود بالله وبآياته بالايمان، يعني بالتصديق بالله وبآياته والاقرار به. وقد قيل عنى بالكفر في هذا الموضع الشدة وبالايمان الرخاء. ولا أعرف الشدة في معاني الكفر، ولا الرخاء في معنى الايمان، إلا أن يكون قائل ذلك أراد بتأويله الكفر بمعنى الشدة في هذا الموضع وبتأويله الايمان في معنى الرخاء ما أعد الله للكفار في الآخرة من الشدائد، وما أعد الله لأهل الايمان فيها من النعيم، فيكون ذلك وجها وإن كان بعيدا من المفهوم بظاهر الخطاب. ذكر من قال ذلك:
1478 - حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن أبي العالية: ومن يتبدل الكفر بالايمان يقول: يتبدل الشدة بالرخاء.
* - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسن، قال: حدثني حجاج، عن ابن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية بمثله.
وفي قوله: ومن يتبدل الكفر بالايمان فقد ضل سواء السبيل دليل واضح على ما قلنا من أن هذه الآيات من قوله: يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا خطاب من الله جل ثناؤه المؤمنين به من أصحاب رسول الله (ص) وعتاب منه لهم على أمر سلف منهم مما سر به اليهود وكرهه رسول الله (ص) لهم، فكرهه الله لهم. فعاتبهم على ذلك، وأعلمهم أن اليهود