قال: أخبرني عبد الله بن كثير عن عبيد الأزدي، عن عبيد بن عمير أو ننسأها ارجاؤها وتأخيرها. هكذا حدثنا القاسم عن عبد الله بن كثير، عن عبيد الأزدي. وإنما هو عن علي الأزدي.
* - حدثني أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم بن سلام، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن علي الأزدي، عن عبيد بن عمير أنه قرأها:
ننسأها.
قال: فتأويل من قرأ ذلك كذلك: ما نبدل من آية أنزلناها إليك يا محمد، فنبطل حكمها ونثبت خطها، أو نؤخرها فنرجئها ونقرها فلا نغيرها ولا نبطل حكمها نأت بخير منها أو مثلها.
وقد قرأ بعضهم ذلك: ما ننسخ من آية أو تنسها وتأويل هذه القراءة نظير تأويل قراءة من قرأ أو ننسها إلا أن معنى أو تنسها أنت يا محمد.
وقد قرأ بعضهم: ما ننسخ من آية بضم النون وكسر السين، بمعنى: ما ننسخك يا محمد نحن من آية، من أنسختك فأنا أنسخك. وذلك خطأ من القراءة عندنا لخروجه عما جاءت به الحجة من القراءة بالنقل المستفيض. وكذلك قراءة من قرأ تنسها أو تنسها لشذوذها وخروجها عن القراءة التي جاءت بها الحجة من قراء الأمة. وأولى القراءات في قوله: أو ننسها بالصواب من قرأ: أو ننسها، بمعنى نتركها لان الله جل ثناؤه أخبر نبيه (ص) أنه مهما بدل حكما أو غيره أو لم يبدله ولم يغيره، فهو آتيه بخير منه أو بمثله.
فالذي هو أولى بالآية إذ كان ذلك معناها، أن يكون إذ قدم الخبر عما هو صانع إذا هو غير وبدل حكم آية أن يعقب ذلك بالخبر عما هو صانع، إذا هو لم يبدل ذلك ولم يغير. فالخبر الذي يجب أن يكون عقيب قوله: ما ننسخ من آية قوله: أو نترك نسخها، إذ كان ذلك المعروف الجاري في كلام الناس. مع أن ذلك إذا قرئ كذلك بالمعنى الذي وصفت، فهو يشتمل على معنى الانساء الذي هو بمعنى الترك، ومعنى النساء الذي هو بمعنى التأخير، إذ كان كل متروك فمؤخر على حال ما هو متروك. وقد أنكر قوم قراءة من قرأ: أو تنسها إذا عني به النسيان، وقالوا: غير جائز أن يكون رسول الله (ص) نسي من القرآن شيئا مما لم ينسخ إلا أن يكون نسي منه شيئا ثم ذكره. قالوا: وبعد، فإنه لو نسي منه شيئا لم يكن الذين قرأوه وحفظوه من أصحابه بجائز على جميعهم أن ينسوه.