أخوين فافترقا، وافترقت قريظة والنضير، فكانت النضير مع الخزرج، وكانت قريظة مع الأوس. فاقتتلوا، وكان بعضهم يقتل بعضا، فقال الله جل ثناؤه: ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم الآية. وقال آخرون بما:
حدثني به المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية قال: كان في بني إسرائيل إذا استضعفوا قوما أخرجوهم من ديارهم، وقد أخذ عليهم الميثاق أن لا يسفكوا دماءهم ولا يخرجوا أنفسهم من ديارهم.
وأما العدوان فهو الفعلان من التعدي، يقال منه: عدا فلان في كذا عدوا وعدوانا، واعتدى يعتدي اعتداء، وذلك إذا جاوز حده ظلما وبغيا.
وقد اختلف القراء في قراءة: تظاهرون فقرأها بعضهم: تظاهرون، على مثال تفاعلون فحذف التاء الزائدة وهي التاء الآخرة. وقرأها آخرون: تظاهرون، فشدد بتأويل تتظاهرون، غير أنهم أدغموا التاء الثانية في الظاء لتقارب مخرجيهما فصيروهما ظاء مشددة. وهاتان القراءتان وإن اختلفت ألفاظهما فإنهما متفقتا المعنى، فسواء بأي ذلك قرأ القارئ لأنهما جميعا لغتان معروفتان وقراءتان مستفيضتان في أمصار الاسلام بمعنى واحد ليس في إحداهما معنى تستحق به اختيارها على الأخرى إلا أن يختار مختار تظاهرون المشددة طلبا منه تتمة الكلمة.
القول في تأويل قوله تعالى: وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض.
يعني بقوله جل ثناؤه: وإن يأتوكم أسارى تفادوهم اليهود يوبخهم بذلك، ويعرفهم به قبيح أفعالهم التي كانوا يفعلونها. فقال لهم: ثم أنتم بعد إقراركم بالميثاق الذي أخذته عليكم أن لا تسفكوا دماءكم ولا تخرجوا أنفسكم من دياركم تقتلون أنفسكم يعني به يقتل بعضكم بعضا، وأنتم مع قتلكم من تقتلون منكم إذا وجدتم الأسير منكم في أيدي غيركم من أعدائكم تفدونه ويخرج بعضكم بعضا من دياره. وقتلكم إياهم واخراجكموهم من ديارهم حرام عليكم وتركهم أسرى في أيدي عدوكم، فكيف تستجيزون قتلهم ولا تستجيزون ترك فدائهم من عدوهم؟ أم كيف لا تستجيزون ترك فدائهم وتستجيزون قتلهم؟ وهم جميعا في اللازم لكم من الحكم فيهم سواء لان الذي حرمت