عليهم وما لهم، والأوس والخزرج أهل الشرك يعبدون الأوثان لا يعرفون جنة ولا نارا، ولا بعثا، ولا قيامة، ولا كتابا، ولا حراما، ولا حلالا فإذا وضعت الحرب أوزارها افتدوا أسراهم، تصديقا لما في التوراة وأخذا به بعضهم من بعض: يفتدي بنو قينقاع ما كان من أسراهم في أيدي الأوس، وتفتدي النضير وقريظة ما كان في أيدي الخزرج منهم، ويطلون ما أصابوا من الدماء وقتلوا من قتلوا منهم فيما بينهم مظاهرا لأهل الشرك عليهم. يقول الله تعالى ذكره حين أنبأهم بذلك: أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض أي تفادونه بحكم التوراة وتقتلونه وفي حكم التوراة أن لا يقتل ولا يخرج من ذلك، ولا يظاهر عليه من يشرك بالله ويعبد الأوثان من دونه ابتغاء عرض من عرض الدنيا.
ففي ذلك من فعلهم مع الأوس والخزرج فيما بلغني نزلت هذه القصة.
وحدثني موسى بن هارون، قال: حدثني عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي: وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون قال: إن الله أخذ على بني إسرائيل في التوراة أن لا يقتل بعضهم بعضا، وأيما عبد أو أمة وجدتموه من بني إسرائيل فاشتروه بما قام ثمنه فأعتقوه. فكانت قريظة حلفاء الأوس، والنضير حلفاء الخزرج، فكانوا يقتتلون في حرب سمير، فتقاتل بنو قريظة مع حلفائها النضير وحلفاءها. وكانت النضير تقاتل قريظة وحلفاءها فيغلبونهم، فيخربون بيوتهم ويخرجونهم منها، فإذا أسر الرجل من الفريقين كليهما جمعوا له حتى يفدوه، فتعيرهم العرب بذلك، ويقولون: كيف تقاتلونهم وتفدونهم؟ قالوا: إنا أمرنا أن نفديهم وحرم علينا قتالهم، قالوا: فلم تقاتلونهم؟ قالوا: إنا نستحيي أن تستذل حلفاؤنا.
فذلك حين عيرهم عز وجل فقال: ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالاثم والعدوان.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: كانت قريظة والنضير أخوين، وكانوا بهذه المثابة، وكان الكتاب بأيديهم. وكانت الأوس والخزرج