القول في تأويل قوله تعالى: ثم أقررتم.
يعني بقوله: ثم أقررتم بالميثاق الذي أخذنا عليكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم. كما:
حدثنا المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: ثم أقررتم يقول: أقررتم بهذا الميثاق.
وحدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.
القول في تأويل قوله تعالى: وأنتم تشهدون.
اختلف أهل التأويل فيمن خوطب بقوله وأنتم تشهدون.
فقال بعضهم: ذلك خطاب من الله تعالى ذكره لليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله (ص) أيام هجرته إليه مؤنبا لهم على تضييع أحكام ما في أيديهم من التوراة التي كانوا يقرون بحكمها، فقال الله تعالى لهم: ثم أقررتم يعني بذلك إقرار أوائلكم وسلفكم وأنتم تشهدون على إقراركم بأخذ الميثاق عليهم، بأن لا يسفكوا دماءهم، ولا يخرجوا أنفسهم من ديارهم، ويصدقون بأن ذلك حق من ميثاقي عليهم. وممن حكي معنى هذا القول عنه ابن عباس.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: حدثني ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد، عن سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس، قال: وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون أن هذا حق من ميثاقي عليكم.
وقال آخرون: بل ذلك خبر من الله جل ثناؤه عن أوائلهم، ولكنه تعالى ذكره أخرج الخبر بذلك عنهم مخرج المخاطبة على النحو الذي وصفنا في سائر الآيات التي هي نظائرها التي قد بينا تأويلها فيما مضى. وتأولوا قوله وأنتم تشهدون على معنى: وأنتم شهود. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية قوله: وأنتم تشهدون يقول وأنتم شهود.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب عندي أن يكون قوله: وأنتم تشهدون خبرا عن أسلافهم، وداخلا فيه المخاطبون منهم الذين أدركوا رسول الله (ص)،