استضعفوا قوما أخرجوهم من ديارهم، وقد أخذ عليهم الميثاق أن لا يسفكوا دماءهم ولا يخرجوا أنفسم من ديارهم، وأخذ عليهم الميثاق إن أسر بعضهم أن يفادوهم. فأخرجوهم من ديارهم ثم فادوهم. فآمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض آمنوا بالفداء ففدوا، وكفروا بالاخراج من الديار فأخرجوا.
حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، قال: ثنا الربيع بن أنس، قال: أخبرني أبو العالية: أن عبد الله بن سلام مر على رأس الجالوت بالكوفة وهو يفادي من النساء من لم يقع عليه العرب ولا يفادي من وقع عليه العرب، فقال له عبد الله بن سلام: أما إنه مكتوب عندك في كتابك أن فادوهن كلهن.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج:
أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض قال: كفرهم القتل والاخراج، وإيمانهم الفداء. قال ابن جريج: يقول: إذا كانوا عندكم تقتلونهم وتخرجونهم من ديارهم. وأما إذا أسروا تفادوهم؟ وبلغني أن عمر بن الخطاب قال في قصة بني إسرائيل: إن بني إسرائيل قد مضوا وإنكم أنتم تعنون بهذا الحديث.
واختلف القراء في قراءة قوله: وإن يأتوكم أسارى تفادوهم فقرأه بعضهم: أسرى تفدوهم، وبعضهم: أسارى تفادوهم، وبعضهم: أسارى تفادوهم، وبعضهم: أسرى تفادوهم.
قال أبو جعفر: فمن قرأ ذلك: وإن يأتوكم أسرى، فإنه أراد جمع الأسير، إذ كان على فعيل على مثال جمع أسماء ذوي العاهات التي يأتي واحدها على تقدير فعيل، إذ كان الأسر شبيه المعنى في الأذى والمكروه الداخل على الأسير ببعض معاني العاهات وألحق جمع المستلحق به بجمع ما وصفنا، فقيل أسير وأسرى، كما قيل مريض ومرضى وكسير وكسرى، وجريح وجرحى.
وقال أبو جعفر: وأما الذين قرأوا ذلك: أسارى، فإنهم أخرجوه على مخرج جمع فعلان، إذ كان جمع فعلان الذي له فعلى قد يشارك جمع فعيل، كما قالوا سكارى وسكرى وكسالى وكسلى، فشبهوا أسيرا وجمعوه مرة أسارى وأخرى أسرى بذلك. وكان بعضهم يزعم أن معنى الأسرى مخالف معنى الأسارى، ويزعم أن معنى الأسرى استئسار القوم بغير أسر من المستأسر لهم، وأن معنى الأسارى معنى مصير القوم المأسورين في أيدي الآسرين بأسرهم وأخذهم قهرا وغلبة.