دياركم؟ وقال: أو كان القوم يقتلون أنفسهم، ويخرجونها من ديارها، فنهوا عن ذلك؟
قيل: ليس الامر في ذلك على ما ظننت، ولكنهم نهوا عن أن يقتل بعضهم بعضا، فكان في قتل الرجل منهم الرجل قتل نفسه، إذ كانت ملتهما بمنزلة رجل واحد، كما قال عليه الصلاة والسلام: إنما المؤمنون في تراحمهم وتعاطفهم بينهم بمنزلة الجسد الواحد إذا اشتكى بعضه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
وقد يجوز أن يكون معنى قوله: لا تسفكون دماءكم أي لا يقتل الرجل منكم الرجل منكم، فيقاد به قصاصا، فيكون بذلك قاتلا نفسه لأنه كان الذي سبب لنفسه ما استحقت به القتل، فأضيف بذلك إليه قتل ولي المقتول إياه قصاصا بوليه، كما يقال للرجل يركب فعلا من الأفعال يستحق به العقوبة فيعاقب العقوبة: أنت جنيت هذا على نفسك.
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل: ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم أي لا يقتل بعضكم بعضا، ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ونفسك يا ابن آدم أهل ملتك.
حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم يقول: لا يقتل بعضكم بعضا، ولا حدثني تخرجون أنفسكم من دياركم يقول: لا يخرج بعضكم بعضا من الديار.
حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن قتادة في قوله: لا تسفكون دماءكم يقول: لا يقتل بعضكم بعضا بغير حق ولا تخرجون أنفسكم من دياركم فتسفك يا ابن آدم دماء أهل ملتك ودعوتك.