لدلالة ما ظهر من الكلام عليها، فاكتفى بدلالة الظاهر عليها منها.
وقد كان بعض نحويي البصرة يقول: معنى قوله: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله حكاية، كأنك قلت: استحلفناهم لا تعبدون، أي قلنا لهم: والله لا تعبدون، وقالوا: والله لا يعبدون. والذي قال من ذلك قريب معناه من معنى القول الذي قلنا في ذلك.
وبنحو الذي قلنا في قوله: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله تأوله أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: أخذ مواثيقهم أن يخلصوا له وأن لا يعبدوا غيره.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: أخبرنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله قال: أخذنا ميثاقهم أن يخلصوا لله ولا يعبدوا غيره.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج:
وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله قال: الميثاق الذي أخذ عليهم في المائدة.
القول في تأويل قوله تعالى: وبالوالدين إحسانا.
وقوله جل ثناؤه: وبالوالدين إحسانا عطف على موضع أن المحذوفة في لا تعبدون إلا الله. فكان معنى الكلام: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل بأن لا تعبدوا إلا الله وبالوالدين إحسانا. فرفع لا تعبدون لما حذف أن، ثم عطف بالوالدين على موضعها، كما قال الشاعر:
معاوي إننا بشر فأسجح * فلسنا بالجبال ولا الحديدا