حسنا بضم الحاء وتسكين السين. وقد روي عن بعض القراء أنه كان يقرأ: وقولوا للناس حسنى على مثال فعلى.
واختلف أهل العربية في فرق ما بين معنى قوله: حسنا، وحسنا. فقال بعض البصريين: هو على أحد وجهين: إما أن يكون يراد بالحسن الحسن، وكلاهما لغة، كما يقال: البخل والبخل. وإما أن يكون جعل الحسن هو الحسن في التشبيه، وذلك أن الحسن مصدر، والحسن هو الشئ الحسن، ويكون ذلك حينئذ كقولك: إنما أنت أكل وشرب، وكما قال الشاعر:
وخيل قد دلفت لها بخيل * تحية بينهم ضرب وجيع فجعل التحية ضربا. وقال آخر: بل الحسن هو الاسم العام الجامع جميع معاني الحسن، والحسن هو البعض من معاني الحسن، قال: ولذلك قال جل ثناؤه إذ أوصى بالوالدين: ووصينا الانسان بوالديه حسنا يعني بذلك أنه وصاه فيهما بجميع معاني الحسن، وأمر في سائر الناس ببعض الذي أمره به في والديه فقال: وقولوا للناس حسنا يعني بذلك بعض معاني الحسن. والذي قاله هذا القائل في معنى الحسن بضم الحاء وسكون السين غير بعيد من الصواب، وأنه اسم لنوعه الذي سمي به. وأما الحسن فإنه صفة وقعت لما وصف به، وذلك يقع بخاص. وإذا كان الامر كذلك، فالصواب من القراءة في قوله: وقولوا للناس حسنا لان القوم إنما أمروا في هذا العهد الذي قيل لهم: وقولوا للناس باستعمال الحسن من القول دون سائر معاني الحسن، الذي يكون بغير القول، وذلك نعت لخاص من معاني الحسن وهو القول. فلذلك اخترت قراءته بفتح الحاء والسين، على قراءته بضم الحاء وسكون السين.
وأما الذي قرأ ذلك: وقولوا للناس حسنى فإنه خالف بقراءته إياه كذلك قراءة أهل الاسلام، وكفى شاهدا على خطأ القراءة بها كذلك خروجها من قراءة أهل الاسلام لو لم يكن على خطئها شاهد غيره، فكيف وهي مع ذلك خارجة من المعروف من كلام العرب؟